هذه هي مميزات المظلّات التي استعملت في الهجوم على المستوطنات… الحدث الذي أعاد الذّاكرة إلى عام 1978

5753-844916656

مميزات الطائرات الشراعية التي استعملت في الهجوم على المستوطنات

كتب الصّحافيّ عبدلله ذبيان لموقع الميادين نت مقالًا يحمل العنوان التّالي: ماذا نعرف عن “الطائرات الشراعية”… وكيف هاجمت مستوطنات الاحتلال؟

وقد جاء فيه:
خبير في الطائرات الشراعية “المظلات”، يشرح للميادين نت تفاصيل حول الطائرات التي استخدمت في الهبوط على المستوطنات، مع عودة بالذاكرة إلى”ليلة الطائرات” من لبنان إلى فلسطين عام 1978… التي نفّذها فلسطينيان وسوري وتونسي.
فغر المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون من كبار الجنرالات أفواههم، لم ينبسوا بكلماتٍ تبرّر ما جرى صبيحة الـ 7 من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.

ملحمة “طوفان الأقصى” دبّت الذعر في نفوسهم، جزع وضياع، جيش الاحتلال في أضعف لحظاته، ومستوطنات غلاف غزة في قبضة المقاومين.

الفشل استخباراتي أولاً.. باغت مقاتلو “القسّام” الإسرائيليين براً وجواً وبحراً، بحيث لم يستوعب المسؤولون الإسرائيليون ما جرى، نكأت العملية في ذاكرتهم المقيتة “عبور تشرين/ أكتوبر 1973″، وهزيمة تموز/ يوليو 2006 في لبنان.
ما أثار رعب العدو والغرب، كان إضافة إلى “الفشل الاستخباراتي” هو استخدام المقاومين لأسلحة هجومية جديدة، طائرات مسيّرة جديدة كالـ زواري” نسبة إلى المقاوم التونسي الذي اغتاله الموساد محمد الزواري، صواريخ محلية الصنع من طراز “متبر 1 و 2″، لكن ما لن يمحى من ذاكرة أحرار العرب والعالم هو مشهدية “الطائرات الشراعية” المنقضّة على المستوطنات والمواقع الإسرائيلية.

متخصص في الطيران الشراعي: الطيّارون عاشوا لحظات صعبة بالتأكيد
يقول المتخصص في هذا النوع من الطائرات الشراعية ومدير نادي الطيران الشراعي اللبناني، رجا سعادة لـ الميادين نت، وهو الذي كان أوّل من أدخل هذه الطائرات إلى لبنان قبل الدول العربية الأخرى، إن “هذه المظلات تستخدم غالباً لأغراض سياحية ترفيهية، فطيرانها يخضع للعوامل الجوية بدرجة كبيرة”.
ويضيف “هي خفيفة كالعصافير، وهنالك صعوبة في استخدامها للأغراض العسكرية، بسبب ظهورها السريع للعيان، وبطء سرعتها، وصوت محرّكها القويّ، كما أنها تحتاج لهبوب ريح مناسب، خاصة عند الهبوط والإقلاع، فإذا كانت قوية فهي تمنع الطيران، ولكن يبدو أن الشباب (المقاتلين) الذي استخدموها قلبهم قوي جداً، وخاضوا لحظات صعبة”.

مستوى تدريب عالٍ
ويشير سعادة إلى أن “الطيارين الفلسطينيين استخدموا العربة بمحرّك والتي كانت تقلّ شخصين، رغم أن المكان الذي كانوا يقومون بالإقلاع منه قصير نسبياً، ما يدل على مستوى تدريبٍ عالٍ وخبرة هامة، وهم إلى كلّ ذلك طاروا مع طلوع الضوء أي في ظروفٍ مناخية صعبة بالنسبة لحركة الريح”.

سرعة هذه المظلات، بحسب سعادة، لا تتعدّى الـ 30 كلم في الساعة، وهي ترتفع بمعدل متر في الثانية فقط، ويبدو أن المظليّين الفلسطينيين استخدموها على ارتفاع منخفض فخدعوا الرادرات الإسرائيلية.

جناح الطائرة الشراعية يسمى جناح “دلتا” أو “روجالو” وهو ثمرة أبحاث فرانسيس روجالو المهندس بوكالة ناسا للفضاء في مجال الطائرات الشراعية والباراشوت (المظلات) وذلك في عام 1960، و”روجالو” اقترح الجناح كوسيلة لعودة سفن الفضاء إلى الأرض.

باراشوت جناح “دلتا” كان خفيفاً ويتحمّل ويمكنه المناورة ببراعة، وبعد ذلك طوّر الباحثون “روجالو” إلى الطائرة الشراعية الحديثة والتي تحوّلت فيما بعد إلى رياضة شهيرة يمارسها الملايين في العالم.
تتكوّن الطائرة الشراعية من معدات تثبيت الطيار وخوذة وبعض الزلاقات بها براشوت احتياطي، إضافة إلى الزلاق الذي يتعلق عليه الطيار والذي يتكوّن بدوره من أسطوانات مصنوعة من الألومنيوم المستخدم في صناعة الطائرات، وتمثّل الهيكل الرئيسي الذي تعتمد عليه الطائرة الشراعية، إضافة إلى أسطوانتين تكوّنان الشكل المثلّث للزلاقة تكوّن فيه مقدمة الزلاقة في منتصف زاوية المثلّث، إضافة إلى عمود عرضي يربط المقدمة بالمثلّث وعمود التحكّم، وهو مثلث صغير يربط المقدمة بخلفية العمود العرضي ويستخدمها الطيار لتوجيه الطيارة.

أما الشراع فهو يمثّل سطح أجنحة الطائرة الشراعية ومصنوع من النايلون أو النسيج الصناعي، إضافة إلى حبال متينة ومن نوعٍ خاص تستخدم في الطائرة، وبها من المتانة ما يجعلها تتحمّل وزن الطائرة والطيّار والضغوط.

ليلة الطائرات الفلسطينية!
في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1987 نفّذ 4 أبطالٍ، ليلة طيران بالمظلات الشراعية أرعبت جنود الاحتلال، اثنانِ منهم فلسطينيان لا يزال اسماهما طيّ السرية، والثالث هو التونسي ميلود ناجح بن لومة، والرابع هو المُقاتل السوري خالد محمد أكر.
وقفوا فوق وادي البقاع اللبناني إلى جانب طائراتهم الشراعية وأدّوا التحية العسكرية لقادتهم في (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة) قبل أن يحلّقوا مقلعين بطائراتهم الخفيفة، ليلة 25 تشرين الأول/نوفمبر 1987، الليلة التي سُمّيت في كل الأوساط “ليلة الطائرات الشراعية”.

الشبّان الأربعة كانوا يدركون تمام الإدراك أنها رحلة بلا عودة، يُدركون أنه عندما تحط طائراتهم في نقطة الهدف فما من وسيلة ستجعلها تقلع مرة أخرى.

تفاصيل العملية واستشهاد المقاوم التونسي
نتيجة صعوبات ميكانيكية فإنّ طائرتين اضطرّتا للهبوط داخل الحدود اللبنانية، بينما تحطمت طائرة التونسي “ميلود ناجح لومة” في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها قوات ما يسمّى بـ “جيش لبنان الجنوبي” والذي كان يدين بولائه لجيش العدو.

أمّا خالد فقد استطاع السيطرة بإحكام على طائرته وحافظ على تحليقه فوق منطقة الأحراج، ليتفادى الرادارات الإسرائيلية ونقاط مراقبتهم.

ونتيجة حجم الطائرة الصغير والتحليق الصامت وبراعة الطيّار، استطاع خالد أن يصل إلى منطقة الهدف “معسكر غيبور” قُرب “بيت هيلال” والذي كان يضم “الصفوة” من القوات الخاصة في جيش الاحتلال آنذاك.
هبط البطل بهدوء، حاملاً الكلاشينكوف بيُمناه ومسدسه الكاتم للصوت بيُسراه، بدأ تحرّكه نحو بوابة المعسكر، وكانت مفاجأة قاتلة لجنود الاحتلال وهم يواجهون مقاتلاً منفرداً يهاجمهم من دون هوادة وخوف.

وقبل أن يستشهد البطل السوري خالد أكر -بعد أن تمزّق جسده بفعل رصاصات الاحتلال- أوقعَ عدداً من الجنود الإسرائيليين بين جريحٍ وقتيل.

وبعد اتصالاتٍ عاجلة بين نقاط المراقبة الإسرائيلية بدأت دوريات الاحتلال بمسح الحدود لكشف وجود مقاتلين آخرين وفي دورية مشتركة مع “جيش لبنان الجنوبي” عُثِر على طائرة “ميلود” المحطّمة، الذي كان يختبئ على مقربة بعد أن التوى كاحله من جرّاء هبوطه الاضطراري العنيف.

لم يستسلم ميلود، إذ قاتل كما يجب أن يقاتل، وتمكّن من قتل 5 جنود قبل أن يستشهدـ، واحتجزت قوات الاحتلال جثمانه على مدى 21 عاماً قبل أن تضطر لمبادلته مع حزب الله عام 2008.

المقاتل السوري استحق تحية ضباط الاحتلال!
حملت عملية “الطائرات الشراعية” اسم “قبية”، لتبقى هذه القرية الفلسطينية راسخة في التاريخ والوُجدان، وهي قرية تقع بقضاء رام الله، شنّ فيها الاحتلال بقيادة أرييل شارون في مساء يوم 14 تشرين الأول/أكتوبر 1953 عدواناً إجرامياً، وأوقع 51 شهيداً و15 جريحاً من سكّانها، كلّهم من المدنيين، ثمّ قامت العصابات بنسف جميع منازل القرية الصغيرة ودمّرتها كُلّياً، ليأتِ الأبطال الأربعة وبعد 34 عاماً على هذه المجزرة الصهيونية بحق الفلسطينيين، ويُؤكّدوا أنّه “ما ضاع حقٌ وراءه مطالب”.

جدير بالذكر، أنّه وبعد انتهاء المعركة نقل جنود الاحتلال جثة الشهيد خالد أكر في نقالة إلى المستوصف الصحي في مستوطنة “كريات شمونة” بالجليل المحتل ووضعوها في الخارج قرب الباب، وعندما وصل قائد لواء غولاني للمكان توجّه إلى المستوصف ومرّ بجثمان الشهيد الذي كان ملفوفاً ببطانيّة، فأدى التحية العسكرية أمامه، فهمس قائد المعسكر في أذنه بـأنّها “جثّة المخرّب مُنفّذ العملية”، ليردّ قائد اللواء “إنه يستحق التحية”، بحسب مجلة “بوابة الهدف” الفلسطينية.

 

Leave a Reply