لمى ريمان ابنة معاصر الشوف: لا أحب سوى إلتقاط الصور التي تبعث على الأمل

لمى ريمان

لمى ريمان إبنة معاصر الشوف: لا أحب سوى إلتقاط الصور التي تبعث على الأمل

كتبت عبير أنطون على موقع “الأفكار”:

 

 تصدرت صورتها “قمر الثلج” أو ما يعرف بـ Snow Moon التي التقطتها المصورة الفوتوغرافية لمى ريمان من بلدتها معاصر الشوف، الصحافة العالمية من خلال صحيفة  Montagna (مونتانيا) الإيطالية. وقد اختارت الصحيفة 11 صورة لـ “قمر الثلج” من جميع أنحاء العالم، تضمنت صورتين للمصورة ريمان، وهما الصورتان الوحيدتان من دولة عربية، ولاقتا انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الإجتماعي في منطقة الشوف ولبنان وصولاً إلى العالمية. وفي صور ريمان، يبدو القمر مطلاً على أرز معاصر الشوف الأخضر المغطى نسبياً بالثلج ويرسل نوره عليه.

 

 وظاهرة “قمر الثلج” هي ظاهرة القمر المكتمل التي تتكرر مرة واحدة سنوياً، وحينها يظهر القمر مكتملاً بشكل عملاق، عندما يقع على الجهة المقابلة للأرض ، مما يعني أن وجهه يكون مضاءً بالكامل بالشمس، وفي الوقت نفسه خلال هذا الحدث، يكون القمر أيضاً في أقرب نقطة من الأرض ما يعني أنه يظهر أكبر وأكثر إشراقاً في السماء.

 

بعد ان باركنا لها، كان لقاء “الأفكار” مع لمى بدءاً من السؤال:

 

– ما حكاية “قمرالثلج”؟ هل كنت بانتظار ان تصوريه في ذاك المساء أم أتى الأمر بمحض المصادفة؟  

 

بمحض المصادفة. فقد كنت أهيئ شراب المتة اللذيذ في مطبخ منزلنا في الشوف، واذ بي انظر من الشباك لأرى القمر بأبهى حلة طالعاً من خلف الجبل حوالي الساعة السادسة مساء في السادس والعشرين من شهر شباط/ فبراير المنصرم. كان نور الشمس لا يزال مرئياً في الجهة الاخرى مع الغياب، وبدا لي كأنه يلامس شجر غابة الأرز الشهيرة.  قفزت بسرعة لاحضر كاميراتي والتقطت الصورة والقمر يطلع. وضعتها على صفحاتي على التواصل الإجتماعي فانتشرت بشكل سريع ولافت. لم اتوقع هذا التأثير! انها المرة الاولى التي لا انتظر فيها القمر، علماً أنني كنت أضرب له موعداً في كل ليلة تقريباً، واحياناً أسهر لساعات أترقبه او أصحو في الصباح الباكر لأرصده في صورة مميزة.  ومن الجميل أن الضجة التي أثارتها الصورة ما زالت ماثلة حتى الآن والناس تسألني عنها، حتى انني طلبت الى لقاءات او مقالات او حتى طلبت الصورة الى أغلفة مجلات.

 

– ألم تكوني على دراية بأنه في ذاك المساء كان القمر في المسافة الأقرب من الأرض ؟

 

لا، ابداً. لم تكن في بالي قصة القمر المكتمل، ولما يكون كذلك فإنه يصطحب معه البرد القارص وسط العواصف. لاحقاً بحثت في هذه الظاهرة، ويعرف القمر المكتمل تقليدياً باسم قمر الثلج بسبب ظهوره في فصل الشتاء. وفي بعض أجزاء العالم، تسمى هذه المرحلة القمرية أيضاً باسم قمر العاصفة وقمر الجوع. وتشرح وكالة ناسا هذه الظاهرة الكونية كالتالي: “القمر يدور حول الأرض في مدار بيضوي يجعله يقترب ويبتعد عن الأرض، وتسمى أبعد نقطة في هذا المسار بـ “الأوج” وهي على بعد حوالي 405،500 كلم من الأرض في المتوسط ، وأقرب نقطة لها هي “الحضيض”، وهي مسافة متوسطة تبلغ حوالي 363،300 كلم من الأرض، وعندما يظهر اكتمال القمر في الحضيض، يصبح أكثر إشراقاً وأكبر قليلاً من اكتمال القمر العادي”.  

 

– المعدات التي تستخدمينها؟ هل هي متطورة ام كلاسيكية عادية؟

 

أصور بـ” فوجي فيلم” الحديثة العهد وهي للمحترفين.

 

– لقد بدأت التصوير كهواية. كيف طورت نفسك في المجال؟

 

فعلا بدأتها كهواية في كاميرا لأخي. ولما دخلت جامعة رفيق الحريري حيث تخصصت في إدارة الأعمال، لمست الإدارة شغفي ومهارتي بالتصوير فعهدت إليّ بتصوير احتفالات الجامعة ونشاطاتها الأكاديمية وندواتها. 

 

– هل دخلت مجال تصوير اللقاءات السياسية او الأحداث اليومية؟

 

 كنت أقوم بذلك. لكنني ابتعدت الآن لأنني لما تركت بيروت وعدت الى الجبل باتت اقامتي دائمة فيه. تعرفت على الدكتور جورج عربيد الذي تولى لاحقاً رئاسة البلدية وعملت معه لحوالي ثلاث سنوات وصورت احداثاً وحفلات وندوات ونشاطات البلدة وكذلك المشاريع العديدة فيها. فعندما يعود الواحد منا الى الجبل يغرق بحبه، ولا يشعر برغبة نزوله الى المدينة. فالهدوء والسكينة مفقودان في المدينة، والضجة والتلوث يحاصرانها.

 

 -عندما يحصل حدث جلل، انفجار بيروت مثلاً، هل تشعرين بما يحرضك للتوجه الى المكان والتقاط الصور؟

 

 مع انفجار المرفأ لم اتحمل ما حدث وخارت قواي. فأنا أحب بيروت جداً، لا يمكنني أن أصور المآسي. أريد الأمل في صوري، الأمل الذي أنقله الى الجيل الجديد. أحب أن التقط الصورة الحلوة التي تبعث على مشاعر ايجابية، التي أعبر فيها عن ذاتي وعن حبي للطبيعة. ونحن في المعاصر نعيش وسط بيئة جبلية خلابة، طبيعة بكر لم تمتد اليها يد الانسان بعد، تهدي الينا مشاهد وصوراً جديدة فيها الضوء والجمال والتفاؤل، وكأنها مرسومة بيد الخالق، كغابة شجر الأرز النادر وسط  بيئة برية وزهور وطيور مقيمة ومهاجرة. وتختلف الطبيعة باختلاف الفصول، ولكل فصل رونقه وألوانه الغالبة والمميزة. إن تصويري للطبيعة يجعلني افهم مرة بعد مرة حقيقة وجودها والحكمة التي ترسلها من خلال عناصرها.

 

وتضيف لمى:

 

 الانفجار الأليم حصل للأسف لكن يبقى الامل في الجهة المقابلة. في الطبيعة والأرض والجبل والريف. أحب تصوير ذلك بدلاً عن الأشلاء والدماء وبدلاً عن النفايات والقمامة والتلوث وغيرها من الصور الكثيرة البشعة التي تعج بها بلادنا. لدينا الكثير من الجمالات التي لا ننتبه ولا ننقلها.

 

– ما هو عملك الآن؟

 

 انا المصورة الرسمية المعتمدة لمشروع الآثار التاريخية في بلدتي معاصر الشوف. كما أنني أقيم معارض لصوري، وأعمل في مجال التصوير الحر. وأيضاً أعمل كمنسق ميداني للأفلام والدعايات في معاصر الشوف.

 

– اختيار صورك لنشرها في مجلة ايطالية معروفة، اية ابواب فتحها لك ؟

 

 لما نشرت الصور، كلمتني صحافية ايطالية ولم أكن سمعت بالمجلة التي تكتب فيها قبلاً، اسمها (مونتانيا تي في)، أي الجبال بالإيطالية، فقمت بابحاثي ووجدت أنها تحكي عن جبال الألب الشهيرة، وهي متخصصة بها. كانوا في المجلة يحررون مقالاً حول الـ”قمر الثلج”، الحدث المنتظر عالمياً، ووقع الاختيار على صورتين من صوري للقمر من بين 11 صورة على صعيد العالم وكنت الوحيدة من العالم العربي كله وطلبوا مني الإذن بالنشر، ورحبت طبعاً. 

 

– الدعم المعنوي والاشادة بهذه الصور كبير. لكن هل عادت عليك بمكسب مادي ايضاً غير المعنوي؟

 

الحمد لله، نعم. 

 

– هل طلبت منك داخل لبنان؟

 

 لا للصراحة، بل من دول عربية اذ أحبها عديدون فيها، وفرحوا انهما الصورتان الوحيدتان اللتان تم اختيارها من العالم العربي.

 

– ينشد كل مصور ان يقيم او يشارك في معارض يقدم فيها نتاجه. هل حققت ذلك؟

 

 أقمت ثلاثة معارض، اثنان في بلدتي معاصر الشوف، واحد في بيت تراثي قديم والآخر في ورشة بيت أثري تتم اعادة اعماره. اما المعرض الثالث فكان في مدرستي القديمة، مدرسة شويفات الدولية والحمد لله ان جميعها نالت نجاحاً كبيراً.

 

– ماذا عن مشاركتك في الفيلم الوثائقي حول قسطنطين زريق؟

 

 بت على معرفة ببعض شركات الانتاج والاعلانات اذ انني شاركت في دعاية كارفور والاكياس البلاستيكية مثلاً، وكرت السبحة وصولاً الى التنسيق الميداني ايضاً في فيلم حول قسطنطين زريق الذي كان أحد أشهر دعاة القومية العربية في العصرالحديث، وذلك لقناة الجزيرة الوثائقية.  

 

– لمن يريد زيارة “معاصر الشوف” اي الاماكن تنصحين بها؟

 

 أوه ..إنها كثيرة! لقد عملت وما زلت أتواصل مع جمعية اسمها “احكيلي عن بلدي” ولمن يريد جولة سياحية، عندنا الكثير من الاماكن المميزة للزيارة، منها مثلاً معصرة نبيذ “سانت مخايل” للتذوق مع الاجبان الشهية واستراحة مطلة على الضيعة، كذلك ادعوكم الى زيارة محترف البلاط العتيق لشاب استقر في الجبل ففتح معمل بلاط على النسق القديم “تيروزو” ويقوم ايضاً باعادة التدوير فيه، هذا فضلاً طبعاً عن محمية أرز المعاصر. 

 

– لست متزوجة؟ 

 

 لا

 

– وعندما يحين الوقت من تثقين به ليصورك في يوم فرحك ؟ 

 

 ابنة اختي وهي ماهرة في ذلك وانا من جانبي لا انشد الفخفخة ولا العجقة إنما احب ان يكون كل شيء بسيطاً بما فيها الصور التي تلتقط. الفرح كله ينبع من داخل الانسان وذاته.

Leave a Reply