الدكتورة نداء أبو سعيد نخبة الأطباء النفسيين في لبنان تترك البلد بسبب الظروف الاقتصادية… شهادات حيّة عن طبيبة نفسية لن تتكرر!
أن تجتمع أحلى المواصفات في شخص واحد ليس أمر غريبًا حدوثه ولكن من المؤكّد بندرةٍ، وأن يجتمع الناس على رأي واحد فلا بد أنه ثمة أمر مؤثّر!.
هي طبيبة نفسية تجمع في شخصيتها العلم والثقافة والمهنية والكفاءة مع الإنسانية والطيبة والكرم والتواضع، هي صاحبة الوجه الأبيض البشوش والصوت الرقيق. كلّ من عرفها يصفها بالأم والأخت والصديقة والزميلة المميزة. إنّها الدكتورة نداء أبو سعيد، التي تُعِدّ اليوم أمتعتها للسفر خارج البلاد بسبب الظروف الاقتصادية الرّاهنة، التي تسيطر على لبنان بشكل عام والطواقم الطبية بشكل خاص، ستترك أبو سعيد، لبنان حاملةً في عقلها وقلبها هموم الكثيرين من الناس في لبنان على مدى 18 عامًا.
ولدت أبو سعيد وتلقت علومها الأولى في دولة فنزويلا حيث كانت عائلتها، درست علوم الحياة في أميركا، والطب في فنزويلا وتخصصت بعدها في الطب النفسي في جامعة بيروت العربية في لبنان، بدأت ممارسة عملها في العام 2004، وكانت من الأطباء الذين ساهموا في كسر الصورة النمطية عن الطب النفسي في لبنان. ساهمت أبو سعيد في نشر الثقافة والوعي عن أهمية هذا الاختصاص، من خلال الندوات والمؤتمرات بأسلوب راقٍ، محبّب وطريقة مميّزة، وكانت من المؤسّسين الرّئيسيين الّذين ساهموا في إنشاء قسم وحدة الصحة النفسية في عين وزين مديكال ڤيليدج، وهو القسم الرائد والوحيد في منطقة الشوف والمناطق المجاورة حتى منطقتي حاصبيا وراشيا، ويستقطب هذا القسم المرضى من جميع المناطق اللبنانية.
أبو سعيد أستاذة جامعية في كلية الطب، أمّ لشابين وشقيقة ثالثة وصغرى لسيدتين هما سمر ومي، أصيبت منذ فترة بمرض سرطان الثدي الّذي ألمّ بها لفترة 6 أشهر، ولكنّها استطاعت محاربته بقوّة وعزم، فكان عملها ملاذها الآمن لتتخطى أوجاعها، وكانت مثالًا يُحتذى به في قوّة الصّبر والتّحمّل للتّغلب على أصعب المشاكل.
الطبيبة نداء أبو سعيد، سيّدة متابعة مثابرة، تواكب أحدث التطورات في مجالها، تشارك في أهم المؤتمرات العلمية والعالمية في الدول العربية والأمريكية والأوروبيةـ ولا تخجل من قول: “لا أعرف” بل تبحث عن المعلومة حتى تجدها.
طبيبة مستعدة أن تسمع مرضاها في أي وقت على حساب راحتها، تبادر بالإنّصال بهم ومتابعتهم، وفي بعض الأحيان تتحمّل كلفة علاجهم وتؤمن أدويتهم، حتى لو اضطرها الأمر إلى تحمل تكاليف النّقل حتّى يصلوا إلى عيادتها! تتميز بأسلوبها المرن والذكي في كيفية التقرب منهم حتى معالجتهم، تشعر بالرضى والنجاح عندما تحل المشكلة، وتعتبر بذلك أنها أخذت حقها، فالبدل المادي ليس من أولولياتها.
موقع “بشوفك” حضّر هذا التقرير الصحافي في إطار عمل إعلامي تكريمي متواضع، يلقي الضوء على طبيبة نفسية لبنانية تُعدّ علامة فارقة في الإنسانية والطب، من خلال 15 شهادة حيّة من أشخاص عرفوا الدكتورة نداء أبو سعيد من أطباء زملاء وممرضين و مرضى و كل شخص تعامل معها، أجمعوا جميعهم على مميزات أبو سعيد ومهنيتها وشخصيّتها اللافتة، كل من موقعه وحسب تجربته، تحدثوا بتأثر ومحبة كبيرة، وكان لافتًا تجاوبهم السريع للمشاركة في إعداد هذا التقرير الذي يؤكد وبشهادة الجميع على أن الجسم النفسي الطبّي في لبنان يخسر أحد أبرز أركانه بسفر أبو سعيد، وأنها مكسب لأي بلد أو جهة جديدة ستتعامل معها.
تنرك الكلام للشهادات الحية ونشكرهم فردًا فردًا.
ملاحظة: نشير إلى أنه شاركت في إعداد هذا التقرير الممرضة في وحدة الصحة النفسية فاديا سري الدين من خلال التنسيق مع بعض الزملاء والموظفين داخل عين وزين ميديكال فيديلج ومتابعتها حتى إنجازه، كما نشكر رئيس قسم وحدة الصحة النفسية هادي شيا الذي تعاون معنا للتواصل مع بعض الأشخاص من خارج المستشفى.
1- عين وزين مديكال فيليدج من خلال المدير الطبي الدكتور حسام غصن:
تحدث المدير الطبّي الدكتور حسام غصن عن عمل الطبيبة نداء أبو سعيد في مستشفى عين وزين، حيث بدأت في العام 2004 واستمرت حتى شباط من العام 2022، فكانت رئيسة قسم وحدة الصحة النفسية. وقد وضّح أنّها كانت تقدم الخدمات للمرضى من خلال العيادات العلاجية وكذلك في وحدة الصحة النفسية، لافتًا إلى أنه كان لها دور كبير في تأسيس القسم والمساهمة في تطويره على مدى سنوات، بالإضافة إلى دورها في القيام بمحاضرات توعوية في مجال الصحة النفسية، وأشار إلى أنّ هذا القسم يستقطب مرضى من عدة مناطق لبنانيّة وبعيدة عن منطقة الشوف..
كما تحدث غصن عن نشاط أبو سعيد عبر المشاركة بالمحاضرات والمؤتمرات في مجال الطب النفسي في لبنان وخارجه، منوهًا بشخصيتها المتعاونة مع جميع زملائها، مشيرًا إلى أنّها كانت محبوبة جدًا من قبل مرضاها ولطيفة بشكل لافت. ويؤكد غصن أنّ سفر الطبيبة نداء أبو سعيد يعدُّ خسارة لمستشفى عين وزين، متمنيًا لها العودة إلى وطنها، وإكمال مسيرتها في تقديم الخدمات لمرضاها.
وفي هذا الإطار لفت غضن إلى معاناة الطواقم الطّبيّة، بشكل عام في لبنان، جراء الانهيار الاقتصادي الذي يشهده البلد، فسعر التعرفة الطبية لم توازِ انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، هذا من جهة، ومن جهّة أخرى، أدّى انتشار فيروس كورونا في الخارج إلى زيادة الحاجة إلى الأطباء، ممّا أدّى بالتّالي إلى زيادة هجرة الأطباء من لبنان .
2- الدكتور جورج حداد المدير الطبي في مستشفى دير الصليب: بغياب أبو سعيد يفقد الطب النفسي في لبنان أحد أهم أركانه
الدكتور حداد الذي تربطه بالدكتورة نداء أبو سعيد علاقة زمالة وصداقة قديمة جدًا، يصف أبو سعيد بالإنسانة التي تجمع كل مواصفات الإنسان والطبيب، واصفًا إياها بالطبيبة الإنسانية، المتواضعة، المُحبة، الرقيقة، المنفتحة، الواضحة والواقعية.
يقول حداد: “كان عندي الحظ اني تعرفت عليها”، منوهًا بمهنية أبو سعيد، قائلًا إنه مشهود لها بقدراتها العلمية في مجال الطبّ النفسي ومتابعتها لأي جديد في هذا المجال، موضحًا أنّها تتابع مرضاها من كافة النواحي وعلى جميع المستويات وتتصل دائمًا للاطمئنان عليهم، مشيرًا إلى قدرتها في المحافظة على هدوئها، وأثرها الإيجابي على المريض، مضيفًا: “تدخل إلى قلوب الناس وتحترمهم كثيرًا، بتحب الكل وبتعتل هم الكل، وقريبة من الكل”.
ولفت الدكتور جورج حداد إلى أنّ الدكتورة نداء أبو سعيد كان لها دور كبير في المساهمة باستمرارية المسار الذي قطع خلاله الطب النفسي في لبنان، وحاولت كسر الصورة النمطية عنه بين المرضى والأهل والتلاميذ والأطباء من خلال النشاطات العلميّة.
يقول حداد: إن الدكتورة نداء أبو سعيد هي خسارة للجميع، لمرضاها، وللجسم الطبي النفسي في لبنان الذي فقد العديد من الأطباء، مشيرًا إلى أن بغياب أبو سعيد يفقد هذا الاختصاص أحد أهم أركانه.
وختم حديثه بالقول: “هي معلقة هون أنا أكيد بترجع لما تتحسن الأحوال”، متمنيًا لها ولعائلتها التوفيق، وأن يكون غيابها مرحلة ليست طويلة الأمد قائلًا: “انشالله نرجع نشوفها بيناتنا”.
3- الدكتور فريد كرباج المدير الطبي السابق في عين وزين مديكال فيليدج: “شو ما حكيت عن الدكتورة نداء بكون مقصّر بحقها”
تحدث الدكتور فريد كرباج عن الدكتورة نداء أبو سعيد، قائلًا إنها تتمتع بمستوى عالٍ من المهنية، من خلال إلتزامها مع مرضاها، وتلبيتها حاجاتهم في أي وقت، إن كان خلال دوام العمل أو يوم عطلتها، من دون أن تسأل عن الأمور المادية، إلى جانب حرصها على السّريّة المهنيّة.
ووصف كرباج الدكتورة نداء أبو سعيد بأنّها كانت من أفضل الأطباء في عين وزين مديكال فيلدج، فقد استلمت قسم وحدة الصّحّة النّفسيّة وكانت من المؤسّسين الأساسيّين لهذا القسم، مشيرًا إلى علاقة الاحترام المتبادل بينها وبين الإدارة.
وختم حديثه بالقول: “شو ما حكيت عنها بكون مقصّر بحقها”، وأضاف: “انشالله ما بطول الأزمة وترجع لمرضاها”، وقال: “نتفهم ظروفها والظروف الّتي يمرّ بها البلد، كل حكبم عم نخسره المجتمع كله عم يخسره”.
4- الدكتور محمد هشام كلش طبيب نفسي في وحدة الصحة النّفسيّة في عين وزين مديكال فيليدج: “أنا من عائلة طبية وتعلمت أيضًا من أبو سعيد الكثير”
يروي الدكتور كلش رحلة تعارفه بالدكتورة نداء قائلًا، إنه تعرّف عليها وهو في طور التّخصّص، حيث تابع ندوات أقامتها، مشيرًا إلى أنه تعلّم منها الكثير وتأثر بها جدًا.
كلش ابن بيروت، يقول إنّ أبو سعيد، هي من أقنعته وحثّته على العمل في عين وزين ميديكال فيلدج، في الشوف، رغم ابتعاد المسافة بين بيروت وعين وزين، حتّى أصبح طبيبًا معالجًا في القسم، كما أشار إلى دور الدّكتورة الكبير، في تشجيعه على أن يصبح أستاذًا جامعيًا في كلية الطب.
ويقول الدكتور محمد إنّه يتعلّم من إنسانية الدكتورة نداء وخبرتها، ويطلب رأيها في الكثير من القضايا، على الصّعيدين العملي والشّخصي، مشيرًا إلى أنّه يعتبرها الأخت الكبيرة والمعلّمة ويعبّر قائلًا: “أقول هذا الكلام بكلّ صدق ومن قلبي”.
وعلى الرغم من أنّ كلش من عائلة طبية يلفت قائلًا: “أنا من عائلة طبّيّة، وأخذت الإرث الطبيّ من والدي بما يتعلق بأخلاقيات المهنة وأعتقد أنني ما أخذته من والدي يكفيني ولكن أؤكد أنّني تعلّمت الكثير من الدكتورة نداء أيضًا”.
ويلفت الدكتور محمد كلش إلى أنّ كل من عرف الدكتورة نداء يشهد لها، مشيرًا إلى أنّ لها بصمة بيضاء إيجابية على الأطباء النفسيين على صعيد لبنان.
ويختم قائلًا: “طبعًا سنخسر طبيبة مميزة ولكن إنسانة بعمرها وخبرتها يجب أن تكون في ظروف أفضل من الظروف الحالية في البلد” ويضبف: “من حقها أن ترتاح شوي”، “أدعو لها بالتوفيق، أدعوها أن تلتفت إلى ذاتها، وأتمنى لها التوفيق، لا أقول الوداع بل إلى اللقاء”.
5- مي أبو سعيد شقيقة الدكتورة نداء أبو سعيد: “أفتحر إنني شقيقتها”
“شهادتي مجروحة”، بتأثر تتحدّث السيدة مي أبو سعيد عن شقيقتها الدكتورة نداء قائلة: “خلقانين وربيانين سوا، حظي حلو إنّي أختها”، وتضيف: “هي كل شي بالنسبة لي، هي الأم والأخت والصديقة”، ” أفتخر إنها أختي” وتقول: “أنا أكبر منها وتعلمت منها كثير”، وتصرّ على أنّها تتحدّث باسمها وباسم شقيقتهما السيدة سمر.
وتتحدّث السّيّدة مي عن الدكتورة نداء الإنسانة مع عائلتها قائلةً إنها “أم متفانية، وأخت عظيمة، وزوجة رائعة، هي مصدر الإلهام للكل، وصاحبة البال الطويل، لا تجرح أحدًا، حتى لو كانت منزعجة فتقول ذلك من دون أن تجرح الآخر”.
وتقول عن شقيقتها الدكتورة نداء: “ما عندها وقت لحالها، تسمع للمريض كثيرًا وتعطيه كلّ وقتها من دون تذمّر حتى على الهاتف، بهدف معرفة منه كافة التفاصيل قبل التشخيص والعلاج” وتتابع: “كنت أقول لها خلص ارتاحي بعد دوام العمل”، فتجيب: “مي ما بتعرفي المريض شو بحس”.
وتتحدّث السّيّدة مي عن استراتيجية الدكتورة نداء مع المرضى قائلة إنّها تعرف كيف تتعاطى مع كلّ مريض بحسب وضعه وطبعه قائلة: “بتعرف كيف توصل للمريض حتى تعالجه”، معتمدة أسلوبها اللطيف والذكي من دون أن تفرض شيئًا عليه، في حال رفض التجاوب، فكانت تقول أحيانًا للمرضى: “عطيني فرصة حتى إقدر ساعدك”، وتوضح أنها تشعر بالرضى عندما يُشفى المريض من حالته، وتعتبر نفسها إنها نجحت معه في ذلك، فضلًا عن معالجتها للعديد من المرضى بشكل مجاني.
وعن مرضها، تقول السيدة مي أنّ الدكتورة نداء واجهت مرض سرطان الثدي بقوة حتى شفيت منه، فقاومت وحاربت وتخطّت… حيث كانت تخضع للعلاج، ثمّ تتابع عملها الذي ساعدها على تخطي المرحلة كثيرًا، وكشفت السيدة مي أنّ الدكتورة كانت المثَل الأعلى لها ولشقيقتهما سمر، اللتين أصيبتا أيضًا بمرض السرطان. وتؤكد السيدة مي أن سماعها لمشاكل الناس قواها كثيرًا لمواجهة مشاكلها.
وعن طفولتها تقول السيدة مي، إن الدكتورة نداء هي شقيقتها الصغرى، كانت طفلة تحب المساعدة كثيرًا، حيث كانت تساعد الراهبات في المدرسة، وتذهب معهن لمساعدة الفقراء.
6- رنا رعد ممرضة مجازة في وحدة الصحة النفسية في عين وزين مديكال فيليدج: “أبو سعيد لديها ما يكفي من التواضع حتى تقول لا أعلم”
رعد هي من أوائل الممرضات اللّواتي عملْنَ مع الدكتورة نداء أبو سعيد في وحدة الصّحّة النفسيّة، منذ تخرّجها من 18 عامًا وحتّى اليوم. تقول رنا عن أبو سعيد إنّها شخص معطاء ويُقدّم الكثير، من معاينات مجانية وأدوية Samples، دون أيّ اهتمام للبدل الماديّ، كما أنّها تتابع مرضاها بدقة، وفي أي وقت ودون تذمّر.
وتضيف رعد قائلة: “لديها ما يكفي من التواضع حتى تقول أنا لا أعلم هذه المعلومة ويمكننا أن نتعلمها سويًا”.
وأشارت رنا إلى أن أبو سعيد مواكبة لكل جديد في الصحة النفسية، وتشارك في المؤتمرات المتعلقة بالصحة النفسية حول العالم، ويتم دعوتها إلى المؤتمرات في هونكونغ وإنجلترا، كما أنها تعمل على الأبحاث العلمية في مجال علم النفس.
وأكدت رعد أن أبو سعيد عملت على تطوير مجال الصحة النفسية في منطقة الجبل، حيث كان القسم يستقبل مرضى من بيروت، وهو الوحيد و الرائد في الشوف وبين المناطق الأخرى لا سيما عاليه وحاصبيا وراشيا، وتؤكد رنا: “القسم دائمًا Overloaded”.
كما لفتت رنا إلى أنّ قسم وحدة الصحة النفسية، لم يترك مرضاه في فترة كورونا، فبقيت المعاينات والمتابعات لمرضى الكورونا وكل من هم بحاجة عبر الأونلاين وبشكل مجاني.
7- هادي شيا رئيس قسم وحدة الصحة النفسية في عين وزين مديكال فيليدج: ” كان لي الفرصة الذهبية إني اشتغل مع الدكتورة نداء”
يقول هادي شيا أنّه تعرف على الدكتورة نداء أبو سعيد بين عامي 2015 و2016، حيث كان يعمل مع العديد من الأطبّاء ولكنه أشار إلى إنسانية أبو سعيد اللافتة مع الجميع، من أطباء وممرضين ومرضى فضلًا عن فريق عملها.
كما أنّها قدّمت الكثير من الخدمات دون مقابل للكثير من الناس، وهي صاحبة الفضل على الكثيرين على حدّ تعبير هادي.
وعن مهنيّتها يشير هادي إلى قدرتها على تشخيص الأمراض، ووصف الأدوية، وحرصها على المساعدة في تأمينها في حال لم يستطع المريض ذلك، وتحاول قدر المستطاع المعالجة بالعلاج النفسي قبل التوجه إلى العلاج الدوائي.
“أبقى تلميذًا عند الدّكتورة نداء”… يقول هادي أنّه تعلّم منها الكثير لا سيما الإنسانية والأمل بالغد، فهي كانت دائمًا مرحبة بأفكار الطاقم التمريضي ولديها أجوبة على كل الأسئلة، وفي حال استعصت عليها مسألة ما، لا تخجل من اللجوء إلى البحث عنها مع طاقم العمل، يوضح هادي.
ويشير شيا إلى أنّ الدكتورة نداء كانت من أوائل الأطباء النفسيين الّذين حملوا شعلة الطّبّ النفسيّ في لبنان، في فترةٍ كان يُعتبرُ الأمر مرفوضًا أو “تابو”، ونظّمت مؤتمرين عن الصّحّة النفسية في مستشفى عين وزين، وشاركت في العديد من المؤتمرات في الدول العربية والأوروبية والأمريكية. ويصف هادي الدكتورة نداء بالـ” الثروة البشرية” ويؤكد: “كان إلي الفرصة الذهبية إني اشتغل معها، وكل يلي عم قولو شي كتير صغير عن دكتورة نداء”.
8- الممرضة فاديا سري الدين في وحدة الصحة النفسية في عين وزين مديكال فيليدج: “أناديها يا أمي”
تتحدث الممرضة فاديا سري الدين، في وحدة الصحة النفسية، وهي متأثرة جدًا بفكرة سفر الدكتورة نداء وتركها للقسم، فتقول فاديا أنّها كانت تنادي الدكتورة، بعبارة: “يا أمي”، وأنها ستفتقدها كثيرًا، وستفتقد اهتمامها وحنانها ووجهها البشوش. وتضيف فاديا أن أبو سعيد دخلت إلى قلوب الموظفين في القسم بفضل مودّتها، وكلمتها الطيبة، ومحبتها الكبيرة، وتشير إلى أنها تعلمت منها الإخلاص والوفاء في العمل، وتختم فاديا كلامها بدعاء للدكتورة في أن تكون بحفظ الله وصونه.
9- دنيا الفطايري معالجة نفسية في وحدة الصحة النفسية في عين وزين مديكال فيليدج: “هل قد بحبها”
منذ 4 سنوات تعرفت الفطايري على أبو سعيد وتصفها بالثروة التي أعطت الجميع، مشيرة إلى أنها لا تبخل على أحد بأي أمر، وتؤمن بكلّ مَن حولها، وتدعمهم معنويًا ومعرفيًّا وحتى ماديًا إذا اضطر الأمر، تعذر الآخرين وتجد لهم دائمًا الأسباب التّخفيفيّة.
تؤكد الفطايري أن ما يميز الدكتورة هو اعترافها بالخطأ في حال حصل، ولا تتردد بالاستفسار عن أي شي، ودائما تحب أن تتعلم.
وتقول دنيا إن الدكتور نداء كانت الأم الحنون والمُحبة في قسم وحدة الصحة النفسية، تصفها بالفراشة صاحبة الوجه البشوش، وشخص إيجابي، جعلت من موظفي القسم عائلة واحدة، وترى أن رحيلها من البلد خسارة على مرضاها وعلى كل من عرفها وعلى مستشفى عين وزين وعلى لبنان.
“أنا هل قد بحبها وتعلمت منا وهل قد قدرت تعطيني رسائل بالحياة، وبمحل من المحلات لما قررت اتكاسل في الحياة، حس إنو لما تمرق براسي بقول لاء عطول لازم نكافح ونواجه ونكون مثابرين، يعجز الكلام” تختم المعالجة النفسية دنيا الفطايري.
10- السيد جميل يونس مشرف تمريض في عين وزين مديكال فيليدج ومدير التمريض ومدير مركز التلقيح في مستشفى الجبل: “أبو سعيد تتحمل أكثر ممّا قد يتحمله طبيب”
يونس الذي عمل منذ العام 2004 مع الدكتورة نداء في تأسيس وحدة الصحة النفسية في عين وزين، يقول إنه كان محظوظًا بذلك، مؤكدًا أنّ الدكتورة نداء تعتبر مرجعًا علميًا مهمًّا جدًا على صعيد منطقة الشوف والمناطق المجاورة، مشيرًا إلى أنها تتميز في مهنيتها وتعاطفها مع المريض، ولا تتأخّر عن تقديم المساعدة، حتّى عن بعد، للقريب والغريب..
ويقول السيد جميل عن أبو سعيد أنها تحترم كل الناس وتعطي من قلبها ولها قدرة على التّحمّل أكثر ممّا قد يتحمله طبيب، مشيرًا إلى أنها تُشكّل خسارة للمكان الّذي تتركه ومكسبًا لأي مؤسسة تنتمي إليها، مؤكدًا أنه ليس من السهل أن يملأ أي شخص مكانها..
“شو ما نحكي عنها قليل، شهادتي مجروحة فيا، يلي بشعر فيه تجاهها أكبر بكثير من يلي رح نعبر عنه بالكلام”، يقول يونس. ويختم “انشالله نرجع نشوفك بخير دكتورة وانشالله مسيرتك بعطاء مستمر يا رب.”
11- السيدة رندة فياض مشرفة تمريضة في عين وزين مديكال فيليدج: “نشعر أن الدكتورة نداء أخت لنا وشخص من عائلتنا”
تصف السيدة رندة الدكتورة نداء أبو سعيد بالإنسانة المخلصة والمحبة والمتواضعة والتي تحب عمل الخير وتساعد الكثير من الناس.
وتقول فياض إن أبو سعيد لا تتذمر من كثرة اتصالاتنا بها، من أجل الأخذ برأيها وبمشورتها، في الأمور الصّحيّة، كما أنها تساعد كل من يحتاجها لا سيما الأسر الفقيرة”. وتقول فياض: “نشعر أن الدكتورة نداء هي أختنا وشخص من عائلتنا مناخد روح فيا، وإذا عنا مشكلة منحكيا من دون أي حواجز بيناتنا”.
وتختم قائلة: “نحنا خسرناها، خسرنا محبتها وتعاونها ومساعدتها للكل وللمرضى بالأخص إنما ظروف الحياة جبرت كتار يفلوا”.
12- السيد ليشع ليشع: قصة ممرض أتى من إهدن إلى الشوف لمعالجة قريبه
يروي الممرض السيد ليشع ليشع قصة قدومه مع قريبه من إهدن إلى الشوف من أجل تلقى العلاج عند الدكتورة نداء أبو سعيد، على الرغم من بعد المسافة، واضطراره للعلاج في عز أزمة انقطاع مادة البنزين في لبنان.
يقول ليشع: “معرفتنا بالدكتورة نداء كانت عن طريق هادي شيا، عندما أصيب قريبي بمرض BIPOLAR DISORDER، حيث أخبر هادي الدكتورة بالحالة وكانت تتابعه من دون أن تعرف حتى اسمه وتحاول معالجته قبل التوجه إلى المستشفى، على الرغم من صعوبة حالته، ويتابع: “خلال أسبوعين حاولنا معالجة الحالة، وكانت توصيتها الانتقال إلى المستشفى، علما أنها لم تعلم بهوية المريض ولم يكن مريضها، إنما أمنت له مكانًا في القسم، وأعطته الأولية بسبب سوء حالته على الرغم من وجود 5 مرضى على لائحة الانتظار، واهتمت به كثيرًا”.
وعن تجربته يقول ليشع الذي لم يلتقِ الدكتورة نداء كثيرًا وكانت الأحاديث مقتضبة على التلفون: ما يميزها أنها لا تتسرع في تشخيص الحالة، ممّا ساعد كثيرًا بتعافي المريض”، ويتحدث عن استراتيجيّة الدكتورة في العلاج، إذ إنّها تعتمد” التدرج”، لا سيما وأن المريض النفسي ممكن أن يتحسن بين يومٍ وآخر، على حد تعبيره.
ويلفت الممرض السيد ليشع ليشع إلى مرونة أبو سعيد وأوضح مدى تعاونها حتى بعد خروج المريض من عين وزين، وذلك لظروف المسافات واضطرار المريض إلى استكمال علاجه في منطقة جغرافية قريبة من سكنه.
ويروي ليشع كيف قامت الدكتورة نداء بكتابة تقرير مفصل عن حالة المريض، ممّا جعل طبيبًا معالجًا جديدًا، يقبل استقباله، واستكمال علاجه، حتّى لو لم يكن مريضه ومتابعًا لحالته من البداية، وأشار ليشع أن الدكتورة لم تترك مريضها حتى بعد أن ترك القسم، ويعلق قائلًا: “لم تساعده فقط عندما كان في قسمها، بل عندما أصبح مع طبيب آخر” ويضيف: “أمّنت علاي عنده”.
ويصف ليشع الطبيبة بالقول: “هادئة وصبورة جدًا، لا تتسرع في إطلاق الأحكام حتى لو استنتجت المشكلة بسرعة، وهو ما يميزها، تتمتع ببساطتها”، ويضيف: “بس تقعدي معها تشعرين بالراحة حتى لو لم تتكلم، وقريبة من الأشخاص يلي بتحتك فيون”.
كما ينقل لنا ليشع عن المريض شهادته بالدكتورة نداء علمًا أنه لا يعلم بالضبط عن مشكلته النفسية الأساسية وكل ما يعرفه عن حالته أنه يعاني من مشكلة في الأعصاب. يقول المريض إنه عندما كانت تجالسه الدكتورة نداء للاستماع إليه، كان يشعر أنها تحدثه على أساس أنه شخص عادي وليس مريضًا، وكان يشعر براحة كبيرة، كما أنه قد استفاد كثيرًا.
13- مريض عَرف الدكتورة نداء: “شخص بيعطي من طاقته حتى يسمعك”
مريض عَرف الدكتورة نداء، ونتحفّظ عن ذكر اسمه بناء على رغبته التي نحترمها كثيرًا، وهذه شهادته سننقلها كما صرّح بها: “شخص كتير حلو تلتقي في لأن إيجابيته تتغطى على المكان، شايلة هموم كل الناس، شخص بيعطي من طاقته حتى يسمعك، بتهون على قلوب الناس وهي حقها تسأل عن قلبها، بتحتفظ بالسرية وخصوصية ملف كل مريض بشكل محترم جدًا، بتشتغل بإنسانيتها وما كتير بتفرق معها الماديات بل بهمها سلامة المريض بغض النظر عن طائفته ودينه وإنتمائه، دائمًا تحاول الاستعاب، تسعى لحقوق المريض وسلامته، بتتحمل كتير، شكرًا دكتورة نداء”.
14- نشأت أبو عجرم موظف في قسم الصيدلية في عين وزين مديكال فيليدج: “سأفتقد شخصًا مهمًا جدًا في عين وزين”
أبو عجرم الذي يكن للدكتورة نداء كل محبة واحترام يقول إنها بالنسبة له بمثابة الأخت، ويضيف: “عندها عطاء وإنسانية ومحبة، لا سيما وأن اختصاصها المُتعب يتطلب الكثير من الإنسانية”، ويتابع: “سأفتقد كثيرًا إلى الدكتورة نداء كشخص مهم في حياتي في عين وزين”.
15- وليد الحسنية موظف السنترال في عين وزين مديكال فيليدج: “كانت تلبي نداء كل مريض يحتاجها”
يعتبر السيد وليد الحسينة، الذي يعرف الدكتورة نداء منذ انضمامها إلى عين وزين ميديكال فيلدج، أنه برحيلها من لبنان، ستخسر المستشفى ركيزة من ركائزها الأساسية، ويضيف: “كانت تلبي نداء كل مريض يحتاجها، كانت خدماتها أكثر من واجبتها تجاه المؤسسة وتجاه كل مريض” ويختم قائلًا: “طاهر بيسأل عنك دائمًا”.