أين يذهب الزجاج الذي حطمه انفجار بيروت؟
كتب خليل العلي في موقع “العربي الجديد”، مقالًا بعنوان “أين يذهب الزجاج الذي حطمه انفجار بيروت ؟”.
“منذ صبيحة اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت، بدأ متطوعون شباب في تنظيف شوارع المدينة من الزجاج المتطاير، كما كانت سيارات النقل تنقل الزجاج والحطام إلى أماكن خارج المنطقة لم يعرف وجهتها كثيرون. أمام المباني المتضررة كافة، جرى تجميع الزجاج المحطّم سواء من المباني السكنية أو التجارية أو السيارات، ليقوم عدد من العمال بنقلها في شاحنات منها ما هو تابع لبلدية بيروت ولبلديات أخرى ومنها ما هو تابع لمقاولين عملوا من دون مقابل، بحسب مصادر بلدية بيروت. ويقول سكان حيّ الجميزة المتضرر، إنّ المتطوعين من الشباب يساعدونهم في إزالة الزجاج المحطّم وتجميعه خارج المبنى كي تقوم سيارات النقل بنقله من المكان من دون أيّ مقابل.
بدوره، يقول رئيس بلدية بيروت، جمال عيتاني لـ”العربي الجديد”: “بعد الفاجعة التي وقعت في بيروت ومشاهد الدمار قامت فرق بلدية والبلديات المجاورة بنقل الزجاج المحطّم وتجميعه في أرض بمحلة الكرنتينا (قرب المرفأ) وبعد الانتهاء سنتواصل مع شركات متخصصة كي تجري الاستفادة منه من دون رميه مع النفايات ما يؤدي إلى زيادة حجم النفايات في المطامر”. يضيف: “لن تتولى البلدية عملية إعادة التدوير بل الشركات المتخصصة بحسب خبرتها وطرق فرزها، وما يمكن أن ينتج عن عملية إعادة التدوير أترك للمختصين الإجابة عنه”.
يتابع: “يومياً يجري نقل كميات كبيرة من الزجاج إلى قطعة الأرض المخصصة لذلك، لأنّ الزجاج المكسور داخل المنازل يشكل كمية كبيرة، وهكذا لا تهدأ سيارات النقل”. ويلفت عيتاني إلى أنّ البلدية تسعى مع جهات مانحة لتأمين الزجاج للمباني، وهناك متبرعون بالزجاج من لبنان، لكنّ الهمّ الأول للبلدية تحديد المباني الآيلة للسقوط والسعي للحفاظ عليها خوفاً من سقوطها”.
نقيب المهندسين في بيروت، جاد تابت، يقول إنّ “الزجاج المحطم لا يمكن إعادة تصنيعه كألواح لأنّنا لا نملك مصانع متخصصة، وأقرب مصانع موجودة في الخليج العربي، وستكون هذه العملية مكلفة جداً، لكن يمكن إعادة تدوير الزجاج وتصنيع زجاجيات مثل القوارير أو الأطباق وما شابه”. من جهته، يقول مدير برنامج البيئة في جمعية “أركانسييل” ماريو غريّب: “استحصلنا بالتعاون مع بلدية بيروت ومبادرة الجوار في الجامعة الأميركية في بيروت على قطعة أرض في منطقة الكرنتينا ليتم تخزين الزجاج المحطّم الذي يتم جمعه من الأماكن التي تضررت جرّاء الانفجار فيها، وسنبدأ خلال هذا الأسبوع تجهيزه لكي يتم تحويله إلى بودرة أو رمل يمكن استخدامه في مواد البناء، وتم الاتفاق مع أكثر من معمل لإنجاز هذه العملية، لكنّنا نحاول تأمين تمويل من أجل الاستحصال على آلة فرم خصوصاً أنّ هناك نعومة معيّنة مطلوبة”.
يلفت غريّب إلى أنّه بعد انتهاء عملية تحويل الزجاج إلى رمل سيتم التنسيق مع بلدية بيروت، إذ سيجري توزيعه لإعادة الإعمار أو استخدامه في اتجاه آخر، لكنّ الأهم أن يستخدم في إعادة الإعمار، لأنّ ما ينتج من هذه العملية يستخدم مع الإسمنت، وستتكفل شركات معينة بذلك. ويؤكد غريّب أنّ عملية جمع الزجاج المحطّم تحتاج إلى وقت طويل نتيجة حجم الدمار والخراب الذي خلّفه الانفجار: “هناك جزء، لا نعلم أين نقل، قبل أن نبدأ نحن عملنا، كما لا يعرف أحد إلى أين نقلت الردميات من المرفأ. هناك أقاويل ذكرت أنّه تم رمي الحطام في البحر كي يستفاد من طمر البحر بقطعة أرض جديدة، علماً أنّنا بدأنا عملنا في اليوم السابع للانفجار”. يضيف: “يوضع حطام المباني، والحجارة المتطايرة، في قطعة أرض إلى جانب قطعة الأرض المخصصة للزجاج، وبحسب البلدية ستجري عملية تحريج هناك، لكنّي أستبعد ذلك وهناك علامات استفهام على ذلك، خصوصاً أنّ وزارة البيئة اللبنانية لم تقرر الأماكن والمواقع التي ستوضع فيها هذه الردميات”.
للمتخصصة في الهندسة البيئية من “الجامعة الأميركية في بيروت” الدكتورة أماني معلوف، رأي مخالف، إذ تقول: “الزجاج الذي يجري تجميعه يختلط بمواد أخرى خصوصاً أنّ من يجمعونه متطوعون ليست لديهم خبرة في ذلك، ولأنّ هذا الحطام لم يكن بفعل ظروف طبيعية وقد يحتوي على مواد كيميائية أو مواد سامة وخطرة اختلطت به فإنّه من الخطر استخدامه مرة أخرى، ويجب أن يكون هناك تدقيق في عملية الفرز حتى لنفايات البناء والحطام وتجري إدارتها في نطاق إدارة نفايات الكوارث، إذ قد تحمل معها مواد سامة”.
تابع: “حتى لو تم تحويل الزجاج إلى رمل أو بودرة فيجب معرفة ما هي المواد المختلطة مع الزجاج، التي قد تؤدي إلى آثار سلبية بيئية وصحية وقد تتسرب وتختلط بالمياه الجوفية ويكون لها أثر سلبي على حياة الإنسان، لذلك يجب أن تكون هناك منهجية علمية يجري تطبيقها خلال تحويل الزجاج إلى رمل أو إلى مواد أخرى، لأنّ الجمعيات التي تقوم بذلك ليست لديها الكفاءة ولا المتخصصين الذين يعرفون خطورة المواد التي يتعاملون معها”. وتؤكد معلوف أنّه لا يمكن إعادة تدوير الزجاج للاستخدام الشخصي لأنّه حتماً ملوث، ولا يمتلك الزجاج خصائص ميكانيكية كافية لاستخدامه كمواد بناء.
في زيارة إلى موقع تجميع الزجاج، وضعت جمعية “أركانسييل” خياماً للعمال الذين يوضبون الزجاج، ويقول أحد العمال إنّ “هناك كمية تصلنا مفروزة، أي من الزجاج فقط، فنضعها في أماكنها المخصصة، أما سيارت النقل التي تنقل الحطام والردميات وتضعها في الجهة المقابلة، فيتولى عمال الجمعية استخراج الزجاج منها ووضعه في مكانه المخصص”.”