رغم أن ابن المصورة، ماري بيريدج، أظهر علامات التوحد منذ الولادة، بما في ذلك تأخر الكلام، والحساسية الحسية، إلا أن تشخيصه بشكل رسمي استغرق أكثر من 7 أعوام.
وبعد سعيها للحصول على آراء متعددة من المحترفين على مر الأعوام، تعتقد بيريدج، التي تتخذ من ولاية كارولينا الشمالية في أمريكا مقراً لها، أن اللوم يتمثل بتبسيط صورة هذا الاضطراب المتنوع، والمعقد.
وفي النهاية، تم تشخيص ابنها غراهام، البالغ من العمر 18 عاماً الآن، بمتلازمة “أسبرجر”، وهي واحدة من مجموعة من الحالات في طيف مرض التوحد.
وتعتقد بيريدج أن تشخيصه الخاطئ كان من أعراض تأثيرات الصور النمطية الواسعة الانتشار، والصعوبات التي نواجهها في التحدث بصراحة عن هذا الاضطراب.
ورغبةً في تحدي المفاهيم الخاطئة بين الأشخاص العاديين، أمضت بيريدج أكثر من 5 أعوام في التقاط الصور لشباب يعانون من هذه الحالة.
ويمتلئ الكتاب الناتج، وعنوانه “Visible Spectrum: Portraits from the World of Autism”، بلحظات دافئة تُظهر أولئك الأشخاص كأفراد متميزين بتجارب متنوعة، وعلاقات ثرية.
وتركز بعض الصور على اهتمامات، ومواهب محددة.
ووثقت المصورة الخريج الجديد، ريمنجتون، والذي وصفته في كتابها بأنه “عازف شغوف يقول إن التوحد زاد من قدرته على الإبداع والاستمرار في التركيز”، وعينيه مغمضتين أثناء عزفه الغيتار الكهربائي.
ولكن، تُدرك المصورة أيضاً الصور النمطية التي تنص على أن للمصابين بالتوحد اهتمامات مفرطة، أو أنهم “عباقرة”.
وكتبت المصورة أن “غالبية المصابين بالتوحد ليسوا عباقرة”، وأضافت: “ولكن، ينظر كل منهم إلى العالم بطريقة فريدة، وغالباً ما تكون منعشة في أصالتها”.
وعلى هذا النحو، تُظهر الكثير من صورها مشاهد يومية، مثل اللعب في الهواء الطلق، أو الاسترخاء في المنزل، أو احتضان أفراد الأسرة.
وقالت بيريدج إنهم “قد لا يرغبون في التفاعل مع الكثير من الأشخاص في وقتٍ واحد، التفاعل مع أشخاص لا يعرفونهم جيداً. ولكن، فكرة أنهم غير مهتمين بأن يكونوا اجتماعيين ليست صحيحة”.
وهذه الازدواجية هي واحدة من العديد من الأشياء التي يستكشفها الكتاب، والذي يتضمن عدة صور لابنها.
وفي إحدى الصور، يجلس غراهام على مقعد في متحف اللوفر في باريس.
ومن غير الواضح ما إذا كان يركز بشكل مُكثّف على عمل فني، أو يحدق في شيء آخر تماماً.
وفي صورة التُقطت في 2015، يظهر غراهام وهو غارق في التفكير أثناء التظاهر بالعراك مع أحد أقربائه.
وإلى جانب الصعوبات المعتادة التي تكون جزءاً من تصوير الأطفال، يجلب العمل مع الأشخاص المصابين بالتوحد بعض التحديات الفريدة، وفقاً لما ذكرته بيريدج. ولذلك، أعطتهم المصورة القليل من التوجيهات، واختارت التصوير في الأماكن التي يشعرون براحة أكبر فيها، والتي غالباً ما تكون في الهواء الطلق، إذ تصوّر بيريدج باستخدام الضوء الطبيعي فقط.
ويمكن أن تكون مستويات قلقهم أعلى بكثير من غالبية الأشخاص، وقالت بيريدج: “أردت فقط أن يكون الأمر مريحاً لهم قدر الإمكان، ليكونوا على طبيعتهم”.
وكتبت المصورة أن مجتمع التوحد يأمل أن يتمكن المجتمع من التطور من “الوعي بالتوحد ” إلى “الوعي بالتوحد، والتقبل، والتمكين”.
وتمدح بيريدج الأهل الذين غمروا أنفسهم في ما تسميه “عالم التوحد” من أجل فهم وجهات نظر أطفالهم الفريدة بشكل أفضل.
وأكّدت المصورة: “لدى المصابين بالتوحد الكثير ليقدموه”، مضيفةً أنه “سيكون من المفيد لنا جميعاً فهمهم بشكل أكبر، وتركهم على طبيعتهم، وتقبّل واحترام شخصيتهم التوحديّة، حتّى لا يضطروا للشعور أن عليهم التظاهر بأنهم ليسوا مصابين بالتوحد”.
ونُشر الكتاب من قِبَل “Kehrer Verlag”، وهو متاح الآن، وسيتوفر إصدار أمريكي له في 10 مايو/أيار من عام 2022.
cnn بالعربية