جنّة بسري بين المرج والسد والقضية إلى المجتمع الدولي!

مرج بسري

نظّمت الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري، نشاطًا رياضيًا بيئيًا، يوم السبت 6 تشرين الأول، لإكتشاف المرج مشيًا على الأقدام (Hiking) والتعرف على ما يحتويه من أحراج وسهول زراعية ومواقع تاريخية، وكان النشاط مناسبة للمطالبة بحماية المرج المهدد بالتدمير ليتحوّل إلى سد مياه، وشارك في النشاط ناشطون بيئيون ورياضيون من مختلف المناطق اللبنانية، وانتهى بوعد من المنظمين بنقل قضية المرج إلى المجتمع الدولي.

طبيعة خضراء خلاّبة تمتد على مساحة 6 مليون متر مربع، وتحتوي على حوالي مليون شجرة البعض منها معمّرٌ، ومهدّد بالزوال وذلك لتأمين المياه إلى أكثر من مليوني نسمة في بيروت وضواحيها، من خلال السد.

محطات الدرب
في مزرعة الشوف وفي ساحة “الصخرة” تحديدًا، اجتمع المشاركون عند الساعة العاشرة صباحًا على “ترويقة” قدّمتها بلدية المزرعة، بحضور رئيس البلدية الأستاذ يحيى أبوكروم.

ومن تلك الساحة كانت نقطة الانطلاق، نزولًا عبر الدرج الروماني الأثري، وبعده إلى نهر الأوّلي، وكانت وقفة على أرض المعبد الروماني والجسر الأثري، ليستكمل النشاط باتجاه غابة الصنوبر، وختامًا إلى بلدة بسري حيث تناول المشاركون الغداء.

 

كلمة رئيس بلدية مزرعة الشوف الأستاذ يحيى أبوكروم
رحّب الأستاذ يحيى بالمشاكرين، مشيرًا إلى أن مزرعة الشوف هي بلدة التعايش المشترك، ومعبّرًا عن احترامه للآراء المعارضة للمشروع.

واستهل أبوكروم حديثه بالإشارة إلى أن النائب السابق وليد جنبلاط هو الشخص البيئي الأول في المنطقة.

وعن موقف البلدية من مشروع السد، قال:”لا نريد أن نقول إننا معه أو ضده، إنما موقفنا هو عقلاني وعلمي ووطني”، موضحًا أن الثروة المائية هي ثروة وطنية ويحق للجميع أن يستفيد منها خصوصًا في ظل أزمة نقص المياه، معتبرًا أن هذا

هو واجب وطني تقوم البلدة بتأديته بالرغم من خسارة العقارات والأراضي لصالح السد، على حد تعبير الرئيس.

رئيس بلدية المزرعة يحيى أبو كروم

 

أبوكروم: مزرعة الشوف هي الخاسر الأكبر من المشروع وما يعنينا هو التعويض البيئي

وأضاف: “الخسارة الكبيرة وقعت على بلدة المزرعة أكثر من القرى الأخرى لأن النسبة الأكبر من عقارات السد أُخذت من أهاليها، فقد خسرنا امتدادنا الحيوي، وجزءًا من مناطقنا الطبيعية التي تشكّل جزءًا من تاريخنا، وكانت مصدر عيش للأهالي، لكننا لا يمكن أن نقف بوجه مشروع وطني يؤمن المياه لأكثر من مليوني نسمة لبيروت وضواحيها”.

ورفض أبوكروم الدخول في عمل الوزارات وأصحاب الإختصاص بالقول: هم “يقررون صلاحية هذا السد أو عدمه”، لكنه أكد: “ما يعنينا كبلدية هو التعويض البيئي بعد إقامة السد، وأن يعاد لاحقًا استغلال الأراضي حوله زراعيًا وسياحيًا”. مثنيًا على جمال مرج بسري وقيمته البيئية السياحية.

 

أبوكروم يتلقى هدية تذكارية من المشاركين

من جهته، قدّم رئيس الحركة البيئية وأحد منظمي النشاط وأهم معارضي مشروع السد الأستاذ بول أبي راشد، مجسمًا تذكاريًا على شكل صخرة للمجلس البلدي تسلّمه رئيسه الأستاذ يحيى، فيما تمنّى أبي راشد أن يتم إنقاذ المرج وعواميده الأثرية.

 

رولان نصور: فلنحافظ على إرث أجدادنا من أجل أولادنا
بدوره، قال منسّق الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري رولان جبور: “إن وجودنا هنا للرياضة والتمتع بالطبيعة ولكن أيضًا لإيصال رسالة مفادها: ضرورة المحافظة على هذا الأرث البيئي والتاريخي والسياحي من أجل الأجيال القادمة كما حافظ عليه أجدادنا لأجلنا”.

رولان نصور

كلمات أصحاب الأراضي وبعض الحاضرين

الأب أنطونيو فغالي
وجّه الأب رسالة إلى معارضي المشروع، بالقول: “أيّاكم أن تحاربوا الشر بالشر، وللانتصار على الظلمة ضعوا فيها النور، وركّزوا في قضيتكم على أهمية المرج بالنسبة إلى بيئتنا وأرضنا وتاريخنا وثقافتنا”.

 

ماري دومنيك عوّاد فرحات صاحبة أرض لإنتاج الفريز في مرج بسري
تحدثت ماري بحسّرة قائلة: “يريدون نزع الأهالي من أراضيهم وإعطائهم 23 دولار ثمن متر الأرض وهو لا يوازي ثمن كيلو لحمة”.

وأضافت: “الأراضي هنا فيها أشجار عمرها 700 أو 800 سنة، يريدون نزعع مليون شجرة لإنشاء سد يجمّع مليون و25 متر مكعب من المياه، وطبعًا لن يستطيعوا تجميع مليون واحد لأن الأرض كاريستية، وحسب تقرير مجلس البحوث العلمية فإنه في جبل لبنان لا يمكن إقامة السد، بسبب وجود فالق ناشط في هذه النقطة”.

وأوضحت: “نحن نواجه هزّة أرضية كل 3 أشهر، فكيف إن حفروا الأرض؟ وخصوصًا وأن عمق الحفر سيكون 125 مترًا تحت الأرض، وارتفاع الحائط فوق الأرض سيكون 73 مترًا، ما يعني أنهم سيوقظون زلزالًا خطرًا جدًا سيضرب ليس المنطقة فحسب إنما بيروت أيضًا”.

وتابعت ماري كلامها قائلةً: “سنة 1956 كان هذه المكان (عواميد المعبد الروماني) نقطة إرتكاز لزلزال يدّعى فالق روم، بالإضافة إليه يوجد أيضًا فالق نيحا الذي يلتقي مع فالق روم تحت مكان السد المنوي إنشاؤه، أي أن قوّة الزلزال ستكون مضاعفة”.

ختامًا، شكرت ماري الحاضرين من كل المناطق، آملةً إنقاذ ما تبقى من جمال لبنان الطبيعي.

 

غسان عيد من مزرعة الضهر أحد أصحاب الأراضي في المرج

شارك السيد غسان عيد الحضور هموم السكان قائلًا: لدينا إعتراض كبير على المشروع الذي سيأخذ أراضينا، وأول هم هو أن المشروع سيدمّر دير القديسة صوفيا الذي شيّد سنة 350 ميلادي، أي تم إنشاؤه منذ حوالي 1700 سنة وأكتر، وما زالت بعض قناطره ظاهرة والباقي مطمورًا تحت الأرض، فبدلًا من أن نسمع عن مشروع حفر لإظهار هذه الآثارات، نسمع أن الآثارات ستمحى لأنها قريبة من جدار السد، بالإضافة إلى وجود كنيسة مار موسى، الذي ولد سنة 350 وعاش بدير القديسة صوفيا وكان يتنقل في أكثر من منطقة وأكثر من بلد.

كما عبّر عيد عن مخاوفه من خسارة جبل في خراج بلدته اسمه “جبل المباركة”، لأنه يستعمل كمقلع للصخور التي ستكون دعائم للسد.

وختم كلامه قائلًا: “نحن تهجّرنا من أراضينا فترة طويلة، وخسرنا بلدتنا وعدنا وبنينا بيوتنا من جديد، والخوف نعيشه مجددًا اليوم لأن أرضنا هي التي ستتهجّر هذه المرة وستُمحى كليًا، نحن من أكتر الأشخاص المعارضين لهذا المشروع، لأننا متمكسون بتاريخنا وبأرضنا حجرة حجرة”.

 

 

بول أبي راشد: السيد المسيح مرّ من مرج بسري وسنوصل صوتنا إلى المجتمع الدولي

بدوره تحدّث الأستاذ بول أبي راشد عن رمزية هذا المرج الدينية والتاريخية، وقال إن السيد المسيح سلك طريق مرج بسري في رحلته من فلسطين إلى سوريا، مرورًا بالساحل اللبناني ومعبد أشمون ومرج بسري.

وأكد أبي راشد أن صوت المطالبين بإنقاذ المرج لن يبقى في لبنان، بل سيصل إلى المجتمع الدولي من خلال صورة جماعية للمشاركين تم إلتقاطها خلال النشاط مع عبارة “أنقذوا مرج بسري”، ذلك لأن الطريق التي تمر بالمرج كانت معبرًا دوليًا يربط الشرق بالغرب، ولهذا تم إنشاء معبد وكنيسة ودير للقديسة صوفيا، واعدًا أنه في الأسبوعين القادمين سنسمع أخبارًا “بتبشّر بالخير”.

 

Leave a Reply