“البستنة” هواية تشهد انتشارا واسعاً بين اللبنانيين… فما هي؟

” البستنة ” تشهد  انتشارا واسعا بين اللبنانيين تثير الفضول

الحديث عن الهوايات يدخل من باب الترف في ظل زحمة الازمات التي يرزح تحتها البنانيون، ويبدو السؤال غريبا أو ربما مضحكا عما يمارس المواطنون من هوايات في أوقات فراغهم أو أثناء عطلهم، و على رغم ذلك تشهد  ما يسمى في اوروبا ” البستنة ” انتشارا واسعا بين اللبنانيين تثير الفضول.

ما يثيرالاستغراب هو الاهتمام المتزايد بالزراعة في لبنان والاقبال الكثيف على شراء الاحواض والادوات الزراعية والشتول لزراعتها على الشرفات والنوافذ وداخل البيوت، بينما معظم مساحات لبنان أصبحت جرداء ومن دون غطاء نباتي، بينما الاقبال الكثيف على “البستنة” في الغرب نابع من غابات الباطون، والتي دفعت بالانسان هناك نحو تأمين سبل للتعامل مع النباتات والاعتناء بها.

 

إقرأ أيضاً:حملة تبرع بالدم للجيش اللبناني في الشوف

لعل المؤشر الابرز هو انضمام فقرات تعنى بالزراعة والنبات ضمن البرامج الصباحية للقنوات اللبنانية ونسبة المشاهدة العالية التي تحصدها، أضف الى محركات البحث عبر الانترنت التي  باتت تتصدرها  بيئيا الاخبار المتداولات عن كيفية اعادة تدوير المواد الصلبة من خشب وزجاج وحديد وبلاستيك وغيرها، فضلا عن تنسيق الحدائق على أنواعها  التي تبدأ بمتر وقد لا تنتهي بألف متر.

الملفت في الموضوع  أن إندفاع  نسبة من  اللبنانيين الى هواية “البستنة” ليس نابعا من الرغبة الدفينة بتلوين حياتهم بالشتول الخضراء أو الاعتراض ضمنا على حياة الحداثة و”المدينية”، كما في المجتمعات الاخرى بقدر ما هو هروب من المشاكل والهموم الحياتية. حفنة من التراب وشتلة صغيرة وبعض الماء قد تنسي اللبناني المقهور لبعض الوقت فواتير الكهرباء والماء و أزمة النفايات المستفحلة، فضلا عن جوانب أخرى، جحيمه اليومي.

 

على النسق الرحباني تم التعرف على الخبير الزراعي مروان حيدر الذي يشرف على برنامج يعنى بالنصائح الزراعية على شاشة أحدى القنوات المحلية، فما أن يتم ذكر “ساحة انطلياس”  كمركز لعمله حتى يغوص المرء بالحلم الرحباني الساحر القائم على الغصن والعصفور. والملفت بأن باحة مار الياس لا تزال تحتفظ بعبق التراث الجميل من قناطر الدكاكين الخشبية الى  محال الشتول والازهار والمواد الزراعية كي تعيد التأكيد بأن تلك الضواحي من بيروت كانت حتى الامس القريب تعد مناطق زراعية بإمتياز ومقصد أهل الريف.

 

 انشغال حيدر بالحديث مع عدة اشخاص دفعة واحدة  ليس نابعا من كونه مهندسا زراعيا بقدر ما يبدو عليه طبيبا يوجه النصائح الى جمهرة الناس،  فليس لكل داء في الطبيعة دواء، وهو ينصح زواره بالتخفيف من الاتكال على الادوية الكيمائية. العلاقة  مع الخبير الزراعي ليست مجرد علاقة عابرة بين تاجر وزبون تنتهي عند المغادرة على العكس تماما  هي تطغى عليها إنسانية الطبيب أو إستشارة المحامي أو حتى ذكاء المهندس ودرايته .

يبدو ذلك واضحا من حجم الاتصالات التي ترد الى  مروان حيدر للسؤال عن آفة ما أو “تسطيل” تطبيق “الواتس اب” من كثرة الرسائل التي ترده والتي تتجاوز حكما ما يرد الى أهل السياسية مثلا، والمشروع البديل إنشأ حيدر موقعا متخصصا لتقديم النصائح وتبادل أحدث التقنيات الزراعية في سياق إستيعاب هذا الكم الهائل من الاسئلة.

 

إقرأ أيضاً:الصايغ: ملف حماية المباني التراثيّة يُفترض أن يتصدّر الاهتمامات

سأل  مروان حيدر في دردشته السريعة مع “لبنان 24″ هل سمعت عن فلاح اصابه الاكتئاب على رغم شظف العيش و قسوة الحياة ؟ ” حيث يؤكد أن السر كامن في تعامل الانسان مع التراب ، لذلك يستعيد مشاهد طفولته الاولى عندما كان والده يعترض على الحرب بالانصراف الى الاهتمام في حديقته وشغفه بزراعة الخضروات.

وعلى رغم السرور البالغ من الاقبال الهائل على الزراعة  في الآونة الاخيرة يشير حيدر الى النقص الهائل في الارشاد في ظل إهمال الدولة لهذا القطاع رغم فؤاده المتصلة بالثقافة الوطنية و الانتماء الى تراب وطن قبل البحث عن الجدوى الاقتصادية. 

 

المصدر:لبنان 24

Leave a Reply