بدأت في عدة مدن ومحافظات مصرية بعد صلاة الجمعة مظاهرات تطالب برحيل نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط استنفار أمني كبير.
وانتشرت على مواقع التواصل فيديوهات تشير إلى مظاهرات انطلقت في بعض المدن مثل قنا والأقصر وفي حي الوراق بالجيزة.
وأغلقت الشرطة المصرية صباح الجمعة الطرق المؤدية إلى ميدان التحرير في القاهرة، رمز ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تحسبا للمظاهرات، في حين اعتبر السيسي أن الدعوة إلى التظاهر “لا تثير القلق”.
وكشفت مصادر للجزيرة أن السلطات أغلقت محطات مترو السادات وجمال عبد الناصر وأحمد عرابي قبيل ساعات من مظاهرات مرتقبة ضد السيسي. كما بدت شوارع القاهرة صباحا شبه خالية، بعد أن أغلقت معظم الطرق أمام السيارات، وكانت مداخل ميدان التحرير من كل الجهات مغلقة أمام حركة السيارات صباحا.
إقرأ ايضاً: معهد CAE يعلن عن بدء التسجيل للعام الدراسي 2019-2020
واتخذت الشرطة تدابير أمنية مكثفة في مختلف أنحاء البلاد، بعد مظاهرات مفاجئة حصلت الجمعة الماضي في القاهرة ومدن أخرى، طالبت برحيل السيسي، وكانت هي المظاهرات الأولى من نوعها منذ قرابة أربع سنوات.
واعتذر عدد من أصحاب المقاهي وسط القاهرة -خاصة قرب الميادين الكبيرة- لزبائنهم بسبب الإغلاق طوال يوم الجمعة، وعلّل عاملون في هذه المقاهي الأمر بورود تعليمات أمنية لهم بعدم الفتح وإلا تعرضوا للغلق التام والسجن.
وبحسب شهود عيان، انتشر في المقاهي القريبة من الميادين الكبرى أفراد أمن بملابس مدنية، كما تواصل توقيف المارة -ولا سيما الشباب منهم- والاطلاع على هوياتهم وتفتيش هواتفهم المحمولة للاطلاع على صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، واعتقال المشتبه في تفاعلهم مع دعوات التظاهر التي أطلقها محمد علي، المقاول الذي عمل مع الجيش لسنوات قبل أن يتحول إلى بث فيديوهات تتهم السيسي وزوجته وبعض قادة الجيش بالفساد وإهدار المال العام.
“صمت ثوري” واعتقالات
وبحسب مراسل الجزيرة نت عبد الله حامد، فقد فرض الصمت نفسه على شوارع مصر عشية أمس، فيما سمي “بالصمت الثوري”، حيث يرجح أن يكون وراء ذلك القلق من انتشار مخبري المباحث.
ولوحظ انخفاض أعداد قوات الشرطة في الميادين الكبيرة مع بداية ليلة الجمعة، عقب تمركز مكثف دام طوال الأسبوع الماضي، وهو ما فسره مصدر أمني بأنه محاولة من القوات لالتقاط الأنفاس استعدادا لمظاهرات اليوم، حتى لا تتكرر مأساة الشرطة في ثورة يناير/كانون الثاني 2011، عندما ظلت في حالة استنفار متواصل أربعة أيام حتى انهارت في جمعة الغضب يوم 28 من الشهر ذاته.
ومنذ الاحتجاجات التي خرجت يوم الجمعة الماضي، شنت السلطات حملة اعتقالات قالت منظمات معنية بحقوق الإنسان إنها أسفرت عن اعتقال أكثر من ألفي شخص على الأقل.
غير أن النائب العام المصري قال أمس الخميس إن النيابة العامة “استجوبت عددا لا يتجاوز ألف متهم من المشاركين في تلك المظاهرات”.
وتم توقيف أكثر من ألفي شخص منذ وقوع هذه التظاهرات، بينهم أكاديميون وناشطون، بحسب منظمتين غير حكوميتين، منهم الناشط الحقوقي سامح سعودي الذي اعتقل اليوم الجمعة من منزله.
وصباح اليوم، أكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية -وهو منظمة حقوقية ترصد عمليات التوقيف- “ارتفاع عدد من تم القبض عليهم” منذ الجمعة الماضي إلى 2076.
وأوضح أن بين من هؤلاء “976 حالة تم عرضها على النيابات و1092 حالة لم ترد أي معلومة رسمية بخصوصها”، مشيرا إلى أن هؤلاء الموقوفين الأخيرين هم “1002 ذكر و74 أنثى و101 طفل”.
وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان أن السلطات أوقفت “قرابة ألفي شخص” بعد تظاهرات الأسبوع الماضي، وحجبت “مواقع إنترنت سياسية وإعلامية، كما عطلت خدمات إنترنت أخرى يستخدمها المتظاهرون للتواصل”.
وبين الذين تم توقيفهم أخيرا الصحفي في صحيفة “الأهرام” خالد داود، وهو قيادي في حزب “الدستور”، وأستاذا العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني وحسن نافعة.
ودعا المقاول المصري محمد علي -المقيم في إسبانيا والذي لم يسبق له العمل بالسياسة- في فيديو نشره على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا الأسبوع إلى التظاهر بكثافة ليوم الجمعة الثاني على التوالي.
وتناقل العديد من المصريين الدعوة على حساباتهم مستخدمين وسوما عديدة بينها: #ارحل_يا_سيسي، و #سيسي_مش_رئيسي و#جمعة_الخلاص.
ومما قاله إن السيسي بدّد عشرات الملايين من الجنيهات في بناء قصور واستراحات رئاسية من أجل راحته وراحة أسرته، في حين يطلب من المصريين تحمل غلاء المعيشة.
وفي بلد يعيش واحد من كل ثلاثة من سكانه تحت خط الفقر -وفق دراسة رسمية حديثة- وفرضت فيه قيود كبيرة على الحريات العامة، لاقت فيديوهات محمد علي اهتماما كبيرا وانتشرت على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي.
السيسي: لا تقلقوا
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لصحفيين صباح الجمعة فور وصوله إلى القاهرة عائدا من نيويورك حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، “لا داعي للقلق” من الدعوات إلى التظاهر ضده.
وأكد في تصريحات بثتها محطات التلفزة المحلية “لا يمكن خداع المواطنين ولا داعي للقلق. مصر بلد قوي بالمصريين”.
وصافح السيسي عددا ممن كانوا ينتظرون عودته في المطار، وقال لهم “أنتو واقفين هنا ليه؟ صباح الخير.. إيه اللي مصحيكو بدري النهار ده الجمعة.. والموضوع مش مستاهل خالص”، في إشارة إلى أنه غير قلق من المظاهرات المنتظرة اليوم.
وتواصل وسائل الإعلام المصرية المؤيدة للرئيس المصري حملتها المضادة لدعوات التظاهر، محذرة من “الفوضى” ومتهمة جماعة الإخوان المسلمين بأنها وراء كل هذه الدعوات التي من شأنها أن تؤدي -وفقا لها- إلى نسف الاستقرار الذي تحقق منذ وصول السيسي إلى السلطة عام 2014.
وقال مراسل الجزيرة نت محمود إبراهيم إن وزارة الأوقاف المصرية انبرت للإعلان عن أن خطبة اليوم الجمعة ستكون عن “تزييف الوعي، والحفاظ على الوطن”، وذلك قبيل انطلاق مظاهرات “جمعة الخلاص”.
إقرأ أيضاً: سفير روسيا الإتحادية يلبي دعوة غانم ويمضي يوماً في الشوف
وأدى وزير الأوقاف المصري مختار جمعة خطبة الجمعة في مسجد اللواء عبد الرحمن خليل بمحافظة الجيزة، ونقلها التلفزيون المصري.
ووفق مراسل الجزيرة نت وشهود عيان، تطرق خطباء الجمعة بالقاهرة وأحياء فيصل والهرم والمنيب بالجيزة، إلى التحذير من “الفتنة” داعين إلى “عدم الانجرار إلى دعوات الفوضى”.
المصدر : الجزيرة + وكالات