فساد اللقاحات في لبنان… مواطنون تلقوا لقاح “الماء والملح” على أنه لقاح فايزر!
في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، يتحضر اللبنانيّون لكلّ ما يُمكن أن يواجههم من أصناف الفساد المستشري، إلّا أنّهم لم يتصوّروا أن تصل الأمور إلى حدّ الغش في لقاح #كورونا، بشكل يمكن أن يعرّض سلامتهم للخطر، ويحقنوا بمستحضر لا تزال طبيعته مجهولة حتى اللحظة.
فقد تلقت مجموعة من المواطنين في البترون لقاحاً، على أساس أنه لقاح فايزر، خارج إطار المنصّة الرسمية. وسرعان ما تبيّن أن هذا اللقاح عبارة عن “ماء وملح”، كما يشير من تلقّوه، أو أنّه مستحضر آخر لا يعرفونه. فهم لم يكتسبوا أيّ مناعة بعد أسابيع من عملية التلقيح، أي من حوالى أسبوعين، ولم يشعروا بأيّ أعراض تدعو إلى الشكّ باحتمال أن يكون مؤذياً.
وبالتواصل مع مستشفى البترون، حيث جرى تلقّي اللقاح في حرمه، نفت الإدارة أن يكون التلقيح قد جرى في داخل حرم المستشفى، وبالتالي تنتفي مسؤولية المؤسسة. أمّا ال#ممرضة التي أعطت اللقاح للمواطنين فقد تركت مستشفى البترون الذي كانت تعمل فيه منذ حوالى سنتين؛ واصدر المستشفى بياناً بما حصل، أفاد “أن اللقاحات التي أعطيت داخل الخيمة قانونية مائة في المائة، ومراقبة من الجهات الرسميّة، وتخضع لشروط وزارة الصحة العامة”. كذلك نفى البيان ما تمّ تداوله عن أن بلدية #أميون قد اشترت لقاحات مزوّرة من المستشفى. وأكدت الإدارة أنها غير مسؤولة عمّا يجري خارج خيمة التلقيح، وأن الممرضة المعنيّة بعملية تلقيح المواطنين لا تمتّ بصلة إلى مستشفى البترون، وهي تعمل في بلدية أميون.
والسؤال المطروح هنا هو حول إمكانية أن يجري تلقيح مواطنين في كافيتيريا المستشفى أو في موقف السيارات، كما أشار أشخاص تلقوا اللقاح، من دون أن يثير ذلك شكوك إدارة المستشفى التي تؤكد أنها غير مسؤولة عما حصل.
وأكد أحد المواطنين الذين تلقوا اللقاح بهذه الطريقة أن أحد الأصدقاء قد تلقى هذا اللقاح وأخبره أنه يمكن أن يساعده في ذلك باعتبار أن دوره لم يحن بعد لتلقي موعد عبر المنصة. وفي اليوم المحدد، توجه إلى كافيتيريا مستشفى البترون حيث تلقى الجرعة الأولى من اللقاح وانتظر مدة ربع ساعة، كما تجري العادة عند إعطاء اللقاح.
أما الجرعة الثانية فقد تلقاها في مجلس إنماء الكورة، ما أثار شكوكه حينها. وأشار إلى أن الممرضة أعطته اللقاح بحضور وإشراف #طبيب في مستشفى البترون، بحسب ما سمعه دون أن يؤكد ذلك، وهذا ما اعتبره مطمئناً حينها. وبعد حوالى شهر من تلقي اللقاح اتصل به أحد الأصدقاء الذين تلقوه أيضاً وأخبره أنه أجرى فحص المناعة وتبين أنه لم يكتسب أي مناعة.
وعندما أجرى هو فحص المناعة مع كافة أفراد العائلة الذين تلقوا اللقاح ووصل عددهم إلى 10، تبين أن أحداً منهم لم يكتسب أي مناعة، وكونهم لم يعانوا أي مشكلة جراء ذلك، اعتبر على الأرجح أن السائل الذي حقنوا به م يكن أكثر من ماء وملح.
لا يؤكد هذا الشخص في حديثه مع “النهار” ما إذا كانت الممرضة على علم بأن اللقاح فاسد، وإن بدت تصرفاتها مريبة بعد أن انتشار هذا الخبر، فيما يبقى الاحتمال وارداً بأن تهديداتها يمكن أن تنتج أيضاً عن خوف من التورط بهذا الموضوع ولو كانت بريئة. وقد أشار في حديثه أيضاً إلى أن البلدية عادت وأمنت اللقاح بعد الذي حصل وقد تلقى الجرعة الأولى من لقاح فايزر.
من جهتها، أكدت سيدة تلقت اللقاح أن أهالي بلدة أميون علموا أن أحد فاعليات المنطقة تكفّل بتأميناللقاح لهم بدلاً من انتظار دورهم عبر المنصة. وكانت قد علمت أن ثمة أشخاصاً تلقوا اللقاح في الكافيتريا، ومنهم من تلقاه في موقف السيارات التابع للمستشفى، أما هي فقد أعطي لها الموعد في منزل جدّة الممرضة وهو منزل مهجور لا تتوافر فيه أدنى معايير النظافة المطلوبة، ما أثار شكوكها ومخاوفها حينها، لكنها كانت في الوقت نفسه مطمئنة لعلمها بأن كثيرين قبلها تلقوا اللقاح.
وقد قيل لها إن القوى الأمنية كانت قد حضرت في وقت سابق إلى كافيتريا المستشفى ومنعت إجراء اللقاح فيها بعد أن تم التبليغ. وتؤكد أنها لا تعرف الطبيب الذي كان يشرف على عملية التلقيح، ولا حتى الممرضة، بل كانت تسمع بأنها تقدم خدمات رعاية في فترة كورونا لمن يحتاجونها لقاء بدل مادي.
وتشير إلى أنها تلقت حالياً الجرعة الأولى من اللقاح بعد أن أمنته البلدية، وأشارت إلى أنها كان يمكن أن تتعرض سلامتها للخطر بعد أن اطمأنت وأصبحت في بر الأمان عند تلقي اللقاح، وهي لا تدرك أنه مزور. “أصبحنا نتعلق بـ”حبال الهواء” ولم نكن نتصور أبداً أن ال#احتيال يمكن أن يصل إلى درجة التلاعب بلقاح كورونا وتعريض سلامتنا بهذا الشكل للخطر”.
وزارة الصحة ترد
في اتصال مع وزارة الصحة العامة أكدت أنه تم فتح تحقيق في الموضوع من حوالى أسبوع مع كافة الاطراف المعنية لتتخذ الإجراءات اللازمة بكل من يتبين أن له صلة بما حصل، فيما فضلت الوزارة التحدث عن النتائج في حينها دون أن تفصح عن المزيد من التفاصل، مع التأكيد على الجدية والتشدد في التعاطي مع هذه القضية لتتخذ الإجراءات اللازمة بحق المتورطين فيها كالطبيب والممرضة وغيرهما.
من جهته شدد رئيس لجنة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحن البزري على ضرورة التسجيل عبر المنصة لتلقي اللقاح وعلى ضرورة التحلي بالوعي، مؤكداً أن كافة الأمور متابعة حتى يتلقى كافة المواطنين المسجلين اللقاح تدريجاً، وتم تسريع عملية التلقيح مؤخراً من خلال الماراثون وأيضاً من خلال تكثيف الجهود، إلا أن التأخير الذي حصل كان سببه وصول أعداد من لقاح فايزر أقل بكثير مما كان متفقاً عليه، لكن ثمة تأكيد على تسليم الجهة المنتجة الكميات المتفق عليها في الأسبوع المقبل، على أمل تلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين.
“نحاول توفير كافة الوسائل لتسريع عملية التلقيح لبلوغ النتيجة المرجوة، وأتمنى على المواطنين التسجيل عبر المنصة والتوجه إلى المراكز المحددة حصراً حيث تتوافر الخبرة وكافة معايير السلامة المطلوبة” قال البزري.
وأمل أن يلقى من يقومون بهذه الممارسات بحق سلامة الناس عقاباً شديداً. مؤكداً أنه يتم التحقيق في هذا الموضوع وثمة تواصل مع الوزارة ومتابعة لكافة التفاصيل على أمل أن تظهر النتائج قريباً. كما أشار في حديثه إلى أن ما حصل في البترون يشكل درساً يدعو إلى التشدد منعاً للغلط والرفض التام له على كافة الأصعدة وعدم التشجيع عليه، بحيث يمكن اتخاذ كافة الإجراءات منعاً لتكرار ما حصل.
المصدر: النهار