“بجنونك بحبك”: حملة وزارة السياحة لتنشيط السياحة الشتوية واستقطاب السياح والمغتربين

4927-766690584

بجنونك بحبك”: حملة وزارة السياحة لتنشيط السياحة الشتوية واستقطاب السياح والمغتربين

نشرت سلوى بعلبكي تقريرا لها عن الرزمة السياحية في “النهار”:

لا يُحسد لبنان على وضعه أبداً، فهو مُقاطَع من معظم الدول الخليجية التي طلبت وتطلب من رعاياها مغادرته فورا وعدم التوجه إليه، والحال عينها تنطبق على دول عدة في العالم تحذّر مواطنيها من السفر إلى لبنان نتيجة الأوضاع الأمنية الهشّة والتوترات السياسية. ولكن على رغم هذه المقاطعة وتفاقم الأزمات والمآسي وتسارع الانهيار، لا يزال لبنان يعوّل على من يحبه بجنون من ابنائه ومن العرب والاجانب، تماما كما أحبه الرحابنة وفيروز “كيف ما كنت بحبك، بجنونك بحبك”.

ففي زمن الظلمة وسطوة العتم على كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أضاءت وزارة السياحة شمعة علّها تعين ولو قليلا على إنارة هذا الليل المفروض على لبنان. “بحبك جنون” شعار شعبي ذو نكهة عاطفية وطنية قد تكون وزارة السياحة تعمّدته لتحفيز الاغتراب اللبناني على المجيء الى لبنان خلال موسم الشتاء للتعويض عن السائح العربي وتحديدا الخليجي شبه المنقطع حاليا عن لبنان بسبب التوترات السياسية والديبلوماسية.
تقتصر حركة الوافدين حاليا إلى لبنان على المغتربين اللبنانيين وبعض الجنسيات العربية، وتحديدا من العراق والأردن ومصر، لذا كان التركيز في “الرزمة السياحية الشتوية 2021 – 2022” التي اطلقتها وزارة السياحة في السرايا الحكومية برعاية رئيس الوزراء نجيب ميقاتي على هؤلاء، فيما تعوّل وزارة السياحة على نجاح الحملة مدعومة بانخفاض كلفة السياحة الشتوية على خلفية هبوط سعر العملة اللبنانية وانحسار انتشار وباء “كورونا” والاجراءات المقبولة نسبيا التي تقوم بها وزارة الصحة، والتزام الفنادق والمؤسسات المطعمية والمنتجعات الجبلية وحلبات التزلج بالاجراءات الوقائية.

حملة جاذبة ومشجعة

ما ان تسلّم مهامه في وزارة السياحة حتى بادر الوزير وليد نصار الى الاتصال بالمعنيين بالقطاع السياحي بغية الوقوف على آرائهم لتنشيط القطاع وخصوصا في موسم الشتاء، فكان ثمة اجماع على ان اهم مشروع هو تأمين الرزم السياحية لاستقطاب العدد الاكبر من السياح والمغتربين، فاستطاع من خلال التجاوب الكبير من شركة طيران الشرق الاوسط “الميدل ايست” ومن النقابات السياحية إعداد رزمة سياحية جاذبة ومختلفة عن بقية الرزم التي أُعِدت سابقا. ويبدو ان الاوضاع الصعبة التي انعكست تراجعا حادا في القطاع السياحي قد ساهمت بتضافر الجهود لإنجاحها، فكانت الاسعار التي قدمتها الفنادق وغيرها من المؤسسات السياحية حافزا لإنجاح هذه الرزمة التي تم تحضيرها بالتعاون مع نقابة وكالات السفر والسياحة وشركات Tour Operators واصحاب الفنادق وبيوت الضيافة.

ويشرح وزير السياحة التفاصيل بالقول إن “أي شخص لبناني أو أجنبي يحب أن يزور لبنان يستطيع ذلك من خلال هذه الرزمة التي تشمل تذكرة السفر، اضافة الى النقل من المطار الى الفندق ومن الفندق الى المطار، مع 3 ليالي اقامة في الفندق مقابل سعر بدءا من 269 دولارا، على أن تشمل هذه الرزمة فحص الـ PCR 50) دولارا) وضرائب المطارات. ويمكن ان يستفاد من هذه الرزمة، فيأتي الى لبنان اكثر من 40 الف مواطن لبناني واجنبي، على ان يزيد عدد الرحلات بحسب الطلب”.

الرزمة التي تُحجز فقط من خلال “الميدل ايست” تغطي ايطاليا (روما، ميلانو)، اسبانيا، أرمينيا، اليونان، مصر، الاردن، والعراق (بغداد وإربيل والبصرة والنجف)، وفي حال قرر الافادة من هذه الرزمة أشخاص من خارج هذه الدول بإمكانهم إجراء connected flight مع هذه الدول وخصوصا في الدول الأوروبية التي تعتمد الطيران الداخلي بينها. كما أن السائح قادر من خلال هذه الفترة التي يقضيها في لبنان على زيارة أماكن سياحية وثقافية ودينية، واستشارة مكاتب السياحة التي ارتفع عددها من 11 الى 37 وُزعت في كل المناطق اللبنانية، لكي ترشده بحسب اهتماماته وهواياته الى الاماكن التي يمكن أن تلبي رغباته، ووفق نصار فإن “كل مكتب سيعتمد QR Code لكي يقيّم تجربته في لبنان والتي ستؤخذ في الاعتبار عند التخطيط للمستقبل السياحي في لبنان”.

يتطلع وزير السياحة الى خطط على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وفي الانتظار أطلق خطة لتفعيل السياحة الشتوية، من أهم اساسياتها الرزم السياحية الداعم الأول للسياحة الشتوية، عدا عن موسم التزلج الذي شهد نكسة كبيرة السنة الماضية مثل كل القطاع السياحي والقطاعات الأخرى بسبب الظروف الصحية والأزمة الإقتصادية والمالية في البلد وتفجير مرفأ بيروت، “إنما لدينا إصرار هذه السنة على أن تعود السياحة الشتوية، وسننجز بالتعاون مع الوزارات الاخرى، مثل الاشغال والداخلية والصحة، وغيرها من الوزارات والادارات كل الامور المطلوبة لإنجاح الموسم”

القطاع السياحي يعوّل على الرزمة

كالغريق الذي كان يفتش عن طوق نجاة، فتمسك بقشّة لعلها تساعده في العبور الى طريق الحياة، هكذا القطاع السياحي الذي يأمل أن تنتشله هذه الحملة من القعر الذي وجد نفسه فيه بسبب الازمات المتلاحقة التي يرزح تحتها لبنان. ولكن يبدو أن القطاع يعول على هذه الرزمة أكثر من غيرها من الرزم التي كانت تعدّ سابقا لتنشيط القطاع، على اعتبار أن كلفة الرزمة الحالية زهيدة ومعقولة، وفق نقيب مكاتب اصحاب السفر والسياحة جان عبود، “فطيران الشرق الأوسط قدم لنا أسعارا لـ 11 وجهة بينها العراق والاردن ومصر”، وقال: “صحيح اننا خسرنا السوق الخليجية والسوق السعودية تحديدا، إلّا أنّ الدول العربية التي شملتها الرزمة السياحية لا تزال تختار لبنان وجهة سياحية حتى الآن”.

وعلى رغم ان “مصاريف وفترة اقامة سياح الدول العربية التي تستهدفها الحملة أقلّ من الخليجيين والسعوديين، بيد أنهم حركوا البلد منذ بدء القطيعة الخليجية للبنان”، وفق عبود الذي أوضح أنّ “اسعار الفنادق التي اتصلت بها نقابة وكالات السياحة والسفر قدمت أسعارا مخفّضة، وهي إن كانت تختلف بين الفنادق الأربعة نجوم والخمسة نجوم، إلا أنها بكل الاحوال تبقى مغرية”. أما نقيب اصحاب الفنادق بيار الاشقر فيوضح أنه “تم خفض الاسعار بنسب ترواح بين 35% و50% وفقا لنوعية الـpackage”، مشيرا الى أن “السعر يدفع مسبقا مع تذكرة السفر”.

ولكن لماذا التركيز على هذه الدول من دون غيرها؟ يوضح عبود: “لم نضع لوائح اسعار للدول الخليجية لأن مجيئهم غير وارد في هذه الظروف مهما كانت العروض مغرية. أما فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي لا تشملها الرزمة فهي من البلدان التي تشهد نسبة حجوزات مرتفعة عبر “الميدل ايست”، إلا أنه بإمكان السائح أو اللبناني في فرنسا مثلا الإفادة من هذه الرزمة عبر حجزها من ايطاليا، وكذلك بالنسبة الى بقية الدول الاوروبية”.

عبود الذي يأمل خيرا من هذه الحملة، حيّا وزير السياحة “المندفع والحيوي”، وثمّن كثيرا المبادرة الوطنية لـ”الميدل ايست” التي لم تقدّم سابقاً هذه الأسعار المنافسة (تخفيض نسبته 70%)، مؤكدا اهمية مشاركتها في هذه الرزمة كونها “شركة طيران مرموقة ولها سمعتها وتصنيفها الممتازَين وعدد رحلاتها مرتفع اسبوعيا”.

وككل مرة تدعم فيها القطاع السياحي، بادرت “الميدل ايست” الى المشاركة في تسويق لبنان بأسعار مخفضة لتذاكر السفر و”لكن هذه المرة، وانطلاقا من مسؤوليتنا الوطنية بدعم القطاع في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، وضعنا وجهات اضافية شملت 11 وجهة مع اسعار خاصة جدا”، وفق ما قال مدير المبيعات في “الميدل إيست” مروان الهبر الذي أشار الى ان “هذه الاسعار اضيفت الى الرزمة التي اعِدت والتي ستعتمدها نحو 20 شركة سياحية، علما أن الرزمة الاساسية تشمل 3 ليال، ولكن يمكن تمديد الفترة مع تعديل بسيط في الاسعار”.

ولا تقتصر مشاركة “الميدل ايست” على إنجاح حملة السياحة الشتوية، بل كانت لها مساهمة فعالة من خلال مشاركة لبنان في معرض “إكسبو 2020 دبي”، إذ أكد وزير السياحة أن “شركة طيران الشرق الأوسط قدمت تخفيضات كبيرة في أسعار تذاكر السفر لكل المشاركين في المعرض، تصل الى 35% وفي بعض الحالات الى 50%، وتخفيضات أجور الشحن 50% وفي بعض الحالات مجانا”.

“بجنونك بحبك”؟

“الشعار الجديد لوزارة السياحة سيكون بمثابة الهوية السياحية التي من خلالها سنطل على العالم”، وفق الوزير نصار الذي اوضح أن الشعار تم تطويره للبنان من شركة الإعلانات “تي بي دبليو إيه” ومقرها دبي بلا مقابل. هذا الشعار وإن كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يستسغه “لبنان ليس مجنونا، لكن ربما الإدارة هي التي تسبّبت بجنونه”، بيد أن نصار برر هذا الشعار بالقول: “الشعار جريء لأن اللبنانيين يذهبون إلى أقصى الحدود كثيرا”. واعتبر المسؤول في شركة “تي بي دبليو إيه” وليد كنعان أنه كان من شبه المستحيل إيجاد سُبُل لتسويق بلد في خضم أزمات اقتصادية وسياسية عديدة، لكنه وجد الإلهام في شعب لبنان… “هذا بلدنا، بلد مجنون، مجنون في حياته الليلية، مجنون في طعامه وكرمه. وبغض النظر عن حجم الجنون في الوضع بلبنان، يمكننا أن نقول منحبك بجنونك”.

 

Leave a Reply