رحيل المؤرخ الموسيقي وليد خويص الذي حول منزله إلى أكبر وأضخم مكتبة موسيقية في الشرق الأوسط

المؤرخ الموسيقي وليد خويص

رحيل المؤرخ الموسيقي وليد خويص الذي حول منزله إلى أكبر وأضخم مكتبة موسيقية في الشرق الأوسط

رحل المؤرخ الموسيقي وليد خويص، ابن بلدة بتاتر، بشكل مفاجىء في 30 كانون الثاني 2022 عن عمر يناهز الـ 65 عامًا.
خويص هو صاحب أكبر وأضخم مكتبة موسيقية في الشرق الأوسط، تضم عددًا كبيرًا من الاسطوانات النادرة لكبار الفنانين العرب مثل الفنان فريد الأطرش وأم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ… بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من القطع النادرة منها آلات للتصوير والعرض السينمائي القديمة وشريط من الصور النادرة، والعديد من التحف والآلات والمراجع، جعلت من منزله مكتبة ومتحفًا ضخمًا يستقبل زواره بالمجان للاستمتاع بهذا الإرث الثقافي والفني.

فريق عمل “بشوفك” الذي كان له زيارة إلى المكتبة للتعرف على صاحبها الدكتور وليد خويص وعلى مقتنياتها القيّمة يتقدم بالتعازي لعائلة الفقيد ويتمنى لهم الصبر والسلوان.

ونترك الكلام عن الراحل وليد خويص إلى صديقه الإعلامي الدكتور عبدالله ذبيان:

بقلم الإعلامي عبد الله ذبيان:
منيّ لبنان وشعبه ومحبي الثقافة والإبداع بخسارةِ كبيرة برحيل الدكتور وليد خويص.
المرحوم المأسوف على غيابه في الميادين الثقافية ابن بلدة بتاتر الجبلية غبّ من معين الأصالة والتراث اللبناني والعربي التليد، فكان علماً من أعلام الثقافة والعطاء والتميّز.
منذ نعومة أظافره شغف الفقيد الكبير بالموسيقار العربي الراحل فريد الأطرش، هذا العشق تبلور عام 1986 إلى بداية مسيرة بعدما سافر لحضور دورة الالعاب الأولمبية في موسكو.
هناك وعلى خشبة المسرح القومي الروسي الشهير “البولشوي” فوجىء بسماع معزوفات أغاني الموسيقار فريد الاطرش، إلى جانب موسيقى “باخ” و “بيتهوفن” وغيرهما من عظماء الموسيقيين العالميين.
بدأ الراحل الكبير العمل لتحقيق حلمه وهو مكتبة لاعمال العظيم فريد الاطرش وغيره من المطربين الكبار، فراح يجمع “الايقونات” الموسيقية، ساهراً مواظباً، منقّباً عن الفن الأصيل، جامعاً، مؤرشفاً، مسافراً إلى أي مكان سعياً وراء “أيقونات” و”تحف” موسيقية من اسطوانات وآلات ومراجع…
الجهد المنقطع النظير للمرحوم خويص وانغماسه في المراجع والكتب بعد سنين من البحث المتواصل، أهلّه للدكتوراه بامتياز.
يقول الإعلامي الزميل رمزي مشرفيه “لقد تحوّل منزل الراحل إلى متحفٍ بكلّ ما في الكلمة من معانٍ، ويجمع كثيرون ممن زاروا منزله أن في المكان اضخم و أكبر متحف للموسيقى في الشرق الأوسط يضم كل ما ” تشتهيه ” الأذن من المعزوفات والأغاني النادرة وعرف باسم “متحف ومكتبة الموسيقى العربية” في مدينة الشويفات الجامعة لقوس قزح اللبنانيين جميعهم.
وبات المكان محط انظار الاعلام اللبناني والعربي وحتى الأجنبي، متحفاً مفتوحاً يستقبل بالمجّان عشاق الطرب الاصيل، لا بل مزاراً لكبار الفنانين والسياسيين والدبلوماسيين والضيوف من مختلف دول العالم.

نحن محظيون فعلاً…!
مكان رائع تشنُف أذنيك فيه بالطرب الأصيل…. فتعود الهوينى إلى صدق الكلمة وعذوبة اللحن… وتسمح لدمعتك بالانسلال مع كل معنى ولحن فتطلب المزيد…. تعبّ وتغبّ.. “تسلطن” وتهيمن في آن….!
خويص “النظيف” قولاً وفعلاً جمع آلاف الاسطوانات الطربية العربية الأصيلة والأصلية… إلى مئات القطع القديمة والصالحة للعمل من كاميرات واجهزة صوت ومذاييع و… و… من دول العالم.
زوروا… مكتبة ومتحف المسيقى العربية وكرموه…. فهو يستحق التكريم حتى بعد رحيله!
كنت أناديه “دكتور” فيني زورك فيضحك… “أستاذ” فيني جيب معي ناس فيستهجن…. ويجيبني “يا قلبي عبوديييي” أنا خيّك والبيت بيتك بتجي بلا استئذان، ومين ما بدّك بتجيب معك!
نعم محظيون هم من قدموا معي إلى دارتك “الخويصية”!، وخسارتي مضاعفة لأني لم أحضر أمسيات طربية في صالونك شارك بها كبار المطربين والعازفين اللبنانيين والعرب.
تلج منزل وليد خويص فينعقد لسانك وتعود لتحدّق وتدقق ولا تشبع من النظر في ذلك المكان الذي يحتضن الزمان… فصوته المبحوح سيأتيك من علوّ منذ هذه اللحظاتٍ!!!

في منزل الرجل البشوش الذي لم تفارق البسمة وجهه للدنيا والناس كنز أغنى من الذهب والياقوت لأنه عصارة فكر الأجيال في منزل، يوماً قال سفير دولة تونس لدى زيارته منزل خويص “إن في هذا المكان كنزٌ حقيقي”.
نناجيه في الحنايا الدافئة….
في هذا المكان تمشي الهوينى… بتؤدة على مدى أوتار إحساسك مخافةً أن تخدش رهافته…. فتناجي دفء وليد خويص وتعلم علم اليقين أنه موجود في الحنايا الدافئة والزوايا الداوية!
وأخيراً، في تلك الزاوية كان وليد يسرد مع صوت أم كلثوم صادحاً بكل عنفوان: “أصبح عندي الآن بُندُقيّة.. الى فلسطين خذوني معكم”.. نذهب معه بلا أدنى تردد ، نبحث عن “فلسطين والقباب الخضر ووجه المجدلية ” ولكننا لا نجد البندقية! نبحث معها عن بيتها وطفولتها وكتبها … لكننا لا نجد البندقية ولا الرجال الذين كانت تخاطبهم ، فندرك أن آلة الزمن أعادتنا إلى زمننا هذا .. تنسلّ دمعة رغماً عنا، تشاركنا بها – طبعاً- مقلتا “أبا حمادة” مع هزة رأسٍ حنونة رؤومة!!
الحمل كبير! يا عائلة وليد خويص الحبيبة… ما تركه الكبير ليس إرثاً سهلاً، وهو الذي رفض “شيكات على بياض” مقابل أسطوانة أو قطعة نادرة…
لشريكة دربه السيدة نورا كل التقدير، للأحباء حمادة وأياد وأدهم وميرنا، كلنا معكم للحفاظ على مآثرة وليد…. فلنسعى جميعاً مع بلديتي الشويفات وبتاتر ووزارة الثقافة والجميع لتكريمه في عليائه… كما كرّم وطنه وعالمه العربي في حياته!

Leave a Reply