“أنطونيوس البشعلاني”… حكاية أول مغترب لبناني إلى أميركا

"أنطونيوس البشعلاني"

“أنطونيوس البشعلاني”… حكاية أول مغترب لبناني إلى أميركا

كتب نجيب البعيني:

 

صادف أنني كنت أقرأ في كتاب، فوقعت على معلومات عن أول مهاجر لبناني زار أميركا، أو اغترب، وبقي فيها. هذه المعلومات تقول ان أول مهاجر لبناني من بلدة «صليما» قضاء المتن، في جبل لبنان، هو أنطونيوس يوسف البشعلاني (أنطون بن يوسف ضاهر أبوعطا الله البشعلاني) الذي كان مولده في قرية «صليما» في 2 آب سنة 1827م، وقبل العمادة، بعد ثمانية أيام من مولده على يد كاهن الرعية في كنيسة القديس يوحنا. والدته من آل حسّان كسّاب، وله ستة أخوة توفوا كلهم دون خلَف.. وما كاد انطون يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى هبط من «صليما» الى بيروت، واشتغل مع شقيقه داود في معمل حرير في « الطيونة» قرب الشياح، واتصل ببعض الإفرنج وكان يرافقهم في رحلاتهم وسفراتهم.

 

عندما كبر أخوه داود رافقه في خدمة سيّاح بصفة طاهٍ، ثم بصفة ترجمان ودليل بعد ان اتقن اللغة الانكليزية والايطالية، عاد في أحد الأيام الى بلدته «صليما» بعد أن صار شاباً ومعه كمية من المال، فطلب يد ابنة أحد انسبائه واسمها «شمونة» ابنة يوسف نصر الله أبي عطا الله، فرضيت به عندما رأته شاباً غضاً، وصاحب أدب جمّ، ولكن أهله منعوه من الاقتراب منها، ما جعله ينوي العودة الى أميركا، فانطلق من بيروت مع بعض السيّاح فوصل الى «لندن» في سنة 1854م، ثم انتقل على مركب شراعي الى الولايات المتحدة الأميركية، فألقى عصا الترحال في مدينة بوسطن ماس، وبعد أيام سافر الى نيويورك مع أحد الاصحاب حيث دخل الجامعة فيها، ولقّبه أستاذه «بطل» المدرسة لشدة ذكائه ووداعته ولطفه الأنيس، وممّا يذكر عنه أنه خلال اقامته في تلك المدينة لبس الثياب العادية مع طربوش مغربي.

 

على أن أنطون توفي بعد سنتين من اقامته، والغريب انه توفي في اليوم ذاته الذي وُلد  فيه، ما جعل رئيس الكلية يؤلف كتاباً عنه بالانكليزية تضمن سيرة حياته، وفي الكتاب رسم انطون بشعلاني وتحت رسمه كلمات بخط يده، واما ضريحه في هذه الايام فموجود في مدينة «بروكلين» بولاية نيويورك، حيث دُفن هناك،ما جعل استاذه يكتب على بلاطة الضريح اسمه وتاريخ ولادته ووفاته، ويرسم صورة الأسد وحيّة وحَمَل. زار ضريحه عدد من الاصدقاء في سنة 1919 وهم من آل البشعلاني من مسقط رأسه صليما. وقد كتبت آنذاك جرائد بيروت، تذِّكروا ذكاءه واقتداره، أما والده فكان من الوجهاء في «صليما». وزار غبطة البطريرك يوسف حبيش آنذاك للتبرك.

 

هذا الكتاب حكاية أول رجل لبناني سافر الى أميركا. توفي في سنة 1856م، بعد اصابته بمرض السل.

 

وقد أصدر الراحل الرئيس سليمان فرنجية رئيس الجمهورية اللبنانية في 26 حزيران سنة 1971 مرسوما حمل الرقم 1322 اعتبر فيه ان أعمال ترميم منزل المهاجر الأول في «صليما» يُعتبر من المنافع العامة. أقيم في سنة 1972 في «صليما» احتفال للمغتربين اللبنانيين الذين قاموا بزيارة منزل البشعلاني في حضور رئيس الحكومة آنذاك الرئيس صائب سلام.

 

المصدر: موقع اللواء

Leave a Reply