اتفقوا فأوقفوا مشروعًا كاد يدمّر أرضهم… أهالي غريفة والإقليم في قصّة ملهمة

نهر الحمام

 

بشوفك

في غضون شهر واحد فقط على إعلان نيّة مجلس الإنماء والإعمار تنفيذ مشروع محطة تكرير مياه الصرف الصحي، لا تستوفي الشروط البيئية والصحية والجيولوجية بحسب الخبراء، بالقرب من نهر الحمام، استطاع أهالي بلدة غريفة الشوف وبعض قرى إقليم الخرّوب إيقاف المشروع، بعد تشكيل قوّة شعبية ضاغطة منعت إنشاء المحطة، فجاء الإعلان عنه في العاشر من آذار ليتوقف في آواخر الشهر نفسه.

 

أسباب اعتراض الأهالي

المشروع كانت قد وقّعت عليه بلدية غريفة السابقة لكنه لم ينفّذ لعدم توفّر الجهة الممولة، إلى أن تم الحصول على تمويل عبارة عن قرض من دولة الكويت، فتم الإعلان عن نية البدء بتنفيذه من قبل مجلس الإنماء والإعمار .

 

اعتراض الأهالي جاء لأسباب عدّة، أبرزها ضخامة المشروع إذ تمتد مساحته على أربعة عقارات، ما سيؤدي إلى محو المعالم الأثرية الموجودة في المنطقة وأهمها الجسر الأثري، وتدمير الطبيعة حيث سيتم قطع أشجارٍ معمّرة.

 

 

هذا فضلًا عن تلوّث مياه النهر، حيث سترمى بقايا المياه المصفّاة في مجراه، وانبعاث الروائح الكريهة، ما سيعود بالضرر الصحيّ والماديّ على السكان وأصحاب المقاهي الموجودة على ضفاف النهر.

 

ما هي الخطة التي وضعها الأهالي لإيقاف المشروع؟

وفي حديث إلى موقع “بِشوفك” مع الناشطة نور زين الدين، وهي ابنة غريفة الشوف، ومن أبرز المساهمين في إيقاف المشروع، وقد تابعت الموضوع بدقة، قالت: “مشروع كاد يدّمر المرفق الحيويّ والمتنفس الوحيد لأهالي غريفة وقرى الإقليم”.

 

1-      إجتماع مجلس الإنماء والإعمار والأهالي

وتحدثت نور عن اللقاء الذي دعا إليه مجلس الإنماء والإعمار لشرح تفاصيل المشروع والإطلاع على آراء واقتراحات الأهالي، وقد ضمّ اللقاء مهندسين من جانب المجلس، وأهالي البلدات المعنية، وأصحاب الأراضي، ورؤساء البلديات والمخاتير، كما كان من أبرز الحضور النائب بلال العبدالله وقائمقام الشوف السيدة مارلين قهوجي.

 

 

وفي الإجتماع عرض المجلس حيثيات المشروع، وإجراءات تنفيذه، والتقنية المستخدمة، وسبب اختيار المكان…

 

وبعدها درات النقاشات، وخلالها عبّر الأهالي عن رفضهم المشروع شارحين الأسباب، فيما دعوا إلى صيانة محطة تكرير موجودة سابقًا في البلدة وإعادة تشغيلها بدلًا من إنشاء محطة جديدة، خصوصًا وأن التقنية المستخدمة في المحطة الجديدة لا تصلح لنفايات المصانع والمعامل إنما فقط لمياه المنازل، بحسب الخبراء.

 

وتقول نور إن معلومات مجلس الإنماء والإعمار بدت سطحية ومحدودة عن ظروف الأرض وما يحيطها، ما أقلق الأهالي أكثر وزاد من تخوّفهم.

 

2-      كيف بدأ التحرّك؟

غريفة البلدة الشوفية المحرومة من مجلس بلدي يدير شؤونها ويحميها من التعدّيات، وجد المخاتير والأهالي أنفسهم أمام مهمة المحافظة على سلامتهم وسلامة عائلاتهم بنفسهم من أي ضرر قد يلحقه هذا المشروع.

 

وعن بداية التحرّك، شرحت زين الدين إلى موقع “بشوفك” أن أول من رفع الصوت وحذّر من إقامة المحطة هو السيد فوزي أبو حمدان ابن غريقة، صاحب إحدى العقارت في المنطقة المستهدفة، من خلال منشور كتبه على صفحته الخاصة في موقع فيس بوك، داعيًا الأهالي إلى التحرّك لإيقافه.

 

 

وبعد أن تابعنا منشورات السيد فوزي على صفتحه في موقع فيس بوك، تبين أنه عمل جاهدًا وبكل الطرق على تحفيز أهل المنطقة للتحرك من أجل وقف المشروع، علمًا أنه مغترب ويعيش في دولة قطر، وحرص على نشر الصور والمعلومات التي تحذّر من مخاطر المحطة وتأثيرها السلبي على النهر.

 

ولم يكتفِ أبو حمدان بتحذير أهالي البلدة الموجودين في غريفة بل إنه حصل على تواقيع المغتربين المعنيين بالموضوع وأرسلها إلى لبنان.

 

 

 

التحرّكات بدأت بكثافة وتشكّلت المجموعات لوضع خطة سريعة ضد المشروع، تألفت من المخاتير ورؤساء البلديات والناشطين والأهالي وسكان المنطقة، وكل من يغار على أرضه وبيئته.

 

 

3-      الناشطون يلاحقون الموضوع مع قائمقام الشوف ورئيس اتحاد بلديات الشوف السويجاني

 

فبعد استشارة خبراء بيئيين وجيولوجيين، كانت الخطوة الأولى حضور لقاء مجلس الإنماء والإعمار، بعدها توجه الناشطون إلى رئيس اتحاد بلديات الشوف السويجاني الأستاذ يحيى أبو كروم، الذي لم يكن على علم بتفاصيل دقيقة عن المشروع، فنصح الأهالي بالتحرّك ورفع عريضة إلى مجلس الإنماء والإعمار قبل إنتهاء المهل القانونية، بمأن المشروع موقّع عليه من قبل البلدية السابقة.

 

فبدأ المخاتير بتحضير عريضة تشرح أسباب الإعتراض والطلب من أهالي البلدات توقيعها، حيث كان من أبرز الناشطين المهندس ريمان أبو حمدان بحكم اختصاصه وخبرته.

 

في هذه الأثناء توجّهت نور والناشطة نسرين أبو حمدان إلى قائمقام الشوف السيدة مارلين قهوجي، لشرح لها التفاصيل، ونقل تخوّف الأهالي، فأبدت قهوجي كامل تجاوبها، وسجّلت اعتراض الأهالي على المشروع، وشددت على ضرورة تشغيل محطة التكرير الموجودة أصلًا في البلدة بدلًا من إنشاء محطة جديدة.

 

وأكدت على أهمية تحضير عريضة وتوقيعها من قبل الأهالي، حتى تقوم هي برفعها إلى مجلس الإنماء والإعمار.

 

وفي النهاية توقّف المشروع…

بعد أيام عدّة، توجّه رئيس اتحاد بلديات الشوف السويجاني الأستاذ يحيى أبو كروم وفريق من المهندسين لمعاينة المنطقة، وتبيّن أن ملاحظات الأهالي في مكانها واعتراضهم عن حق.

 

وبعد هذه الزيارة تبلّع أهالي المنطقة بأن المشروع قد توقّف من خلال منشور كتبه السيد ريمان أبو حمدان على حسابه في موقع فيس بوك، يبشّر الأهالي بأن رئيس اتحاد بلديات الشوف السويجياني الأستاذ يحيى أبو كروم قد أفاده بتراجع مجلس الإنماء والإعمار عن نيّة إنشاء المحطة.

 

 

وقد علم الأهالي أنه حاليًا سيتم تشغيل محطة التكرير القديمة الموجودة في بلدة غريفة، عبر تغذيتها بالتيار الكهربائي، ووصلها بإمدادات الصرف الصحي التابعة لكل أحياء البلدة.

 

قصة تؤكد أن إصرار الناس وعزمهم واتحادهم هو أقوى من قرار أي جهة وتوقيع أي مسؤول، لا يرى في أي مشروع كهذا إلا صفقة رابحة من أرزاق الناس، وعلى حساب صحتهم وبيئتهم!

 

تحية إلى أهالي غريفة وإقليم الخروب..

 

Leave a Reply