كتبت ترايسي دعيج في موقع النهار:
مدينة ذكية، رسوم متحرّكة ثلاثية البعد، ومستعمرة فضائية على كوكب الأرض. يُسرّع الشاب الخلوق نديم شوفي عقارب الساعة، يتخيّل، يخطط ويُنفذّ نظاماً مستداماً لمواجهة شتّى أنواع الأزمات والمشاكل. ينسُج نظاماً جديداً لا يشبه الواقع الحالي. صحراء تبعثُ في النفس لهيب الحرارة؛ زهور ذابلة، وأرض قاحلة. تتسارع أنفاس الكائنات المقيمة في ذلك المكان، تعشق، تحلُم وتستلقي على الرمال الساخنة. كيف تبدو المدن الذكية بعد أعوام عدة؟ هل ستحتكر طبقة مُعيّنة الحكم؟ من هم المستفيدون؟ كيف سيكون شكل الأرض في المستقبل؟ أسئلةٌ تخطر على بالك وتجعلك تغوص في تفكيرٍ عميق خلال مشاهدتك الـ18 دقيقة.
لم يتوقّع الفنان اللبناني نديم شوفي الفوز بالمرتبة الأولى لجائزة برنامج فن جميل للتكليفات الفنية الرقمية، عن فيلمه “ما بين الخلود وتلبّد الغيوم”. عاشقٌ للفن. يرقص نديم في فلك لغته الخاصّة. يسرح في أفكاره الخلّاقة والمُبتكرة، يَبعث آراءه وتطلّعاته ويُجسّدها بتحفة فنيّة مميزة. استمرّ البحث لمُدّة سنتين تقريباً، جمع نديم من خلالها الأرضيّة المناسبة، هو المُتأثّر بأفلام الخيال العلمي، استنبط الفكرة وجسّدها.
عمل على إنتاج الفيلم بالتعاون مع فريق إعداد كبير، بالرغم من الصعوبات التي عصفت بالكيان اللبناني في الصميم. وبالرغم من تأذّي مَعدّات الصوت، وغيرها بعد انفجار 4 آب، تَخطّى وثابر فريق العمل الطموح، لتحقيق العمل. “إنتاج العمل من بيروت تطلّب تحديات كبيرة وحاجة إلى التأقلم مع كل ما يحصل”، يشير شوفي لـ “النهار”. ولكن استمر الحديث بين أعضاء الفريق عن حالتهم النفسية داعمين بعضهم البعض.
للوهلة الأولى، عند قراءة عنوان العمل “بين الخلود وتلبّد الغيوم”، تخطر على بالنا أفكار عن الروح، خلودها وفنائها. إلّا أنّه، يوضّح لنا شوفي أنّه يعني بالخلود، استمرارية العمل والرغبة بالإنتاج. فالمدن في المستقبل سترتكز على الإنتاج والتصنيع للربح أكثر. ويضيف: تلبّد الغيوم هي مجموعة المشاكل التي يمكن أن تصيبنا وتعيق مسار حياتنا كالوباء العالمي الحالي.
يرتكز نصّ الفيلم على المشاعر والأحاسيس، يبتعد من تقديم الحل المقبل البديل، بل يكرّس الإنسان ويكشف عمّا يمكن أن يشعر في هذا العالم الإفتراضي. الإنسان هنا يسيطر والكائنات الحيّة الأخرى، النباتات والطبيعة بخدمة مصلحته الخاصّة.
يرفض نديم الصورة النمطية للفنان، وفكرة انسلاخه بشكلٍ عام عن بيئته وانعزاله وحده في غرفته مع رسوماته وكتاباته. برأيه، ينصهر الفنان مع بيئته التي تشكل مصدر إلهامٍ له لمتابعة إنتاج الأعمال والاستمرار بها. ويشير إلى أنّ لا بدّ من مناقشة الاهتمامات بشكلٍ عام ومشاركتها. الأعمال الفنية تتصّل بعضها ببعض، حيث يبتعد من التصنيف وفق الحقبة التاريخية (جيل ما بعد الحرب، جيل فيروز، جيل صباح). بحسب قوله، الفن لغة مشتركة واحدة عابرة للأزمات وتتخطى الحدود. يبقى الفن المجال الجامع، اللغة المشتركة بين جميع الناس في العالم.
لمشاهدة الفيلم: اضغط هنا