كتب موقع الجزيرة:
أطلقت الفنانة التشكيلية اللبنانية فاطمة ضيا العنان لريشتها وألوانها وترجمت مشاعرها لتبدع في تجسيد انفجار بيروت بلوحة تحمل عنوان “الملائكة الصاعدة”، وبعد أن بحثت عن وسيلة لتسهم في تخفيف وطأة الأضرار والخسائر على ضحايا الانفجار، جاءتها الفكرة بوضعها في مزاد إلكتروني يستهدف دعم الضحايا؛ لتحصد تنافسًا في عمل الخير صعد بسعرها إلى 50 ألف دولار.
وعبرت الفنانة عن غضبها وحزنها، وما يعتريها من مشاعر متضاربة بريشة ومزيج من الألوان، لتجسد تلك الأحاسيس في لوحة “الملائكة الصّاعدة”، لتؤكد للعالم أن بيروت كطائر الفينيق، ستقوم من وسط الركام وترتدي حلتها البهية من جديد، فتعود أحسن مما كانت.
تفاعل العالم بأكمله مع هذه اللوحة بعد انتشارها على أجهزة الهواتف المحمولة لشخصيات معروفة لبنانية وعالمية. فكما وضعها المغني العالمي مساري (مطرب كندي لبناني الأصل)، كذلك تداول اللوحة إعلاميون وممثلون ونجوم غناء، منهم ورد الخال ونانسي السبع والبطل الرياضي فادي الخطيب وغيرهم.
شهرة عالمية حققتها فاطمة ضيا من رسمها هذه اللوحة، لا سيما أن وسائل إعلام أجنبية اهتمت بها ونقلتها على شاشاتها ومواقعها الإلكترونية.
لوحة “الملائكة الصاعدة”
تقول فاطمة ضيا “وضعت كاميرا تصوير لتسجيل مراحل تصوير اللوحة دقيقة بدقيقة، وعلى مدى 7 ساعات متتالية. ويمكنني القول إن ريشتي ممزوجة مع مشاعري ولدت هذه اللوحة تلقائيا؛ إذ لم أخطط مسبقا لما سأرسمه عن هذه الحادثة الفاجعة التي لامست كل لبناني عن قرب، فقد هز الحدث مشاعري، فاعتصر الحزن قلبي أمام هول الفاجعة. لم أكد أفيق من ذهول الصدمة، حتى أردت مواساة مدينتي المنكوبة، فأمسكت ريشتي ومزجت ألواني بمشاعري لأسكبها على لوحة أسميتها “الملائكة الصاعدة”.
وتؤكد للجزيرة نت أن “أكثر شيء مفجع هو بالطبع الأشخاص الذين فقدناهم؛ لذا حاولت تمثيل الناس الذين ماتوا كملائكة تراهم في اللوحة بلونهم الأبيض الذي يرمز إلى النقاء. “الملائكة الصاعدة” تمثل انفجار بيروت تحيط به دائرة واسعة بيضاء تتناثر منها الملائكة التي قصدت بهم ضحايا الانفجار”.
وتفاجأت التشكيلية فاطمة بالانتشار الذي حصدته اللوحة، فلم تكن تتوقعه. تقول للجزيرة نت “كنت أنوي طباعة نسخ منها وأبيعها ليعود ريعها للمتضررين من الانفجار. لم يكن يخطر ببالي بيعها أو عرضها في مزاد علني، بل الاحتفاظ بها لأنها تمثل قطعة من روحي. ولكن وباتصال مع شقيقتي روكسانا في فرنسا اقترحت علي بيعها في مزاد علني، وبالفعل بحثت على مواقع التواصل الاجتماعي عن مزادات علنية تقام أونلاين”.
وتعلق فاطمة -التي لم تكن ترغب في أن تنطلق شهرتها من حطام بيروت- “أردت إهداء مدينتي هذا العمل الفني الذي يترجم مشاعري العميقة نحوها؛ فربما الانتشار الذي حققته اللوحة يسهم من ناحية أخرى في تقدير أعمال الفنانين اللبنانيين من قبل دولة لا تعيرها الاهتمام والدعم الكافيين”.
فاطمة درست الهندسة، وتعمل باختصاصها حاليا، وتبرع في الفن أيضا، وتقول بحماس: “امتلكت هذه الموهبة منذ الصغر، واحترفت هذا النوع من الفن، وذلك بجهد شخصي، وشاركت في مسابقات وفزت بالمراتب الأولى. اليوم أخطط لأعمال جديدة، وأتوجه ثانية في لوحاتي إلى مدينتي بيروت التي تحمل معها الأمل والتفاؤل”.