ملف النفايات: تشبيك حقيقي بين أبناء الشوف في إطار مبادرة Do Something

    الأستاذ ماريو غريب

    قليلة هي اللقاءات التي تتناول ملف النفايات في شقه الإيجابي، في ظل الأزمة الراهنة التي ترافقنا منذ سنوات، وتلقي الضوء على “ماذا فعلنا” من أجل مواجهة المشكلة، من خلال عرض التجارب العملية الناجحة التي اتخذتها بعض البلديات والجمعيات أو حتّى الأفراد.

     

    “بيئتنا حقنا” هو عنوان الجلسة الحوارية التي نظمتها مبادرة “Do Something” لمطلقتها الناشطة الحقوقية المحامية الأستاذة رانيا غيث، للحديث عن ملف النفايات في الشوف والمنطقة وعرض أهم المبادرات التي نفذت للتعامل مع الأزمة ومحاولة الحدّ منها، وذلك في 17 تشرين الثاني في بلدة كفرحيم.

     

    وما ميّز الجلسة هو أن ملف النفايات ومع  خطورته على الإنسان والبيئة عامة، وهو كان وما يزال ورقة خلافية بين المسؤولين السياسيين لمآرب شتّى، جمع أبناء المنطقة، بلديات وجمعيات وناشطين بيئيين وأفرادًا، حول ضرورة حلّه بأسرع وقتٍ ممكن، ما يؤكد أن صحة الإنسان وحقوقه الإنسانية فوق كلّ اعتبار…

     

    جمعية Arc En Ciel وأبرز نشاطاتها؟

     

    الجلسة التي أدارتها الآنسة غوى ذبيان، سادها الجو الحواري التفاعلي الإيجابي، بحضور بعض رؤساء البلديات وممثلين عن الأحزاب السياسية وناشطين بيئين وأهالي المنطقة.

     

    استهِل اللقاء مع الأستاذ ماريو غريب من جمعية Arc En Ciel الذي عرض نشاطات الجمعية الاجتماعية والبيئية، وتحدث عن نفايات المستشفيات التي بدأت الجمعية بمعالجتها منذ العام 2003، حيث خصصت 4 مراكز لمعالجة نفايات المستشفيات الخطرة.

     

    وقال إن الجمعية لديها استشاريون في ملف إدارة النفايات.

     

    كما تحدث غريب عن المعامل التي جهزتها الجمعية لمعالجة النفايات العادية مثل بكفيا، واتحاد بلديات الزهراني وغيرها…

     

    وفي إطار نشاطات الجمعية أفاد أن الجمعية تقوم بحملات التوعية ولا سيما في البلديات  التي وجدت الحل.

     

    وتحدث غريب عن 4 اعتبارات مُلزمة لحلّ أزمة النفايات

    وهي:

    •      الاعتبار الثقافي (وعي الناس الأزمة)

    •      الإعتبار المناطقي (وجود مساحات لإنشاء معامل ومراكز معالجة)

    •      الاعتبار المالي (إمكانات البلديات المادية)

    •      الإعتبار البيئي (التلوث الذي ستنتج من التقنيات المستخدمة)

    •      الاعتبار السياسي في المناطق خاصة على مستوى اتحاد البلديات

     

    قانون إدارة النفايات الصلبة: إيجابياته وسلبياته

    وتطرّق غريب إلى قانون إدارة النفايات الصلبة الذي صدر عن وزارة البيئة، متحدثًا عن أبرز إيجابياته هي:

    •      تعزيز الفرز من المصدر

    •      تعزيز التسبيخ المنزلي

    •      فرض التعويض المادي على الصناعيين مقابل التلوث الذي يحدثونه

    •      تشكيل لجنة لإدارة النفايات تابعة لوزارة البيئة

     

    كما تحدث عن أبرز ثغرات القانون وهي:

    •      صدور القانون قبل صدور استراتيجية لإدارة النفايات أو رؤية عامة للسنوات القادمة

    •      غياب الآلية لاختيار الاختصاصيين أعضاء اللجنة

    •      عدم تحضير الإطار الإداري لللامركزية (أي ممكن أن تقرر البلدية اعتماد المحارق مثلًا)

    •      إعطاء البلديات مهلة شهرين إلى أربعة أشهر للخروج بخطة لإدارة النفايات، وأغلب البلديات لا تملك إمكانات. وأشار الأستاذ ماريو إلى أن هذه كانت خطة مقصودة من الدولة لإرسال النفايات إلى محرقة بيروت.

     

     

    الأستاذ مروان قيس: نسبة الفرز في بتلون وصلت إلى 50% ومتفائلين بارتفاعها

    بعده، تحدّث رئيس بلدية بتلون الأستاذ مروان قيس عن تجربة بتلون مع فرز النفايات، علمًا أنها من البلديات القليلة جدًا في لبنان والشوف التي لم تستسلم للأزمة ووضعت ثقتها بالناس لمواجهتها، فقال إن البلدية جهّزت معملًا في البلدة يحتوي على المعدّات الأساسية لمعالجة النفايات المفرزة من المصدر، والعمل جار على تطويره.

     

    وتحدث الرئيس عن خطوة توعية الناس على الفرز التي كانت الأساس في مواجهة المشكلة، من خلال الزيارات إلى البيوت بالتعاون مع جمعية البيت اللبناني للبيئة، معبّرًا عن سعادته بوصول نسبة الفرز إلى حوالي الـ 50 بالمئة، ومتفائلًا بارتفاع هذه النسبة مع الوقت.

     

    المحامي عمر زهر الدين: حملة كفرفاقود لاقت ضجة إعلامية محلية ودولية

    أما عضو بلدية كفرفاقود ورئيس اللجنة البيئية المحامي عمر زهر الدين، تحدث عن حملة “صحتك بيئك حافظ عليها” التي أطلقتها البلدية فتضمنت حملة مقاطعة أكياس النايلون واستعمال سلال القش، وحملة لتدوير البطاريات وغيرها… مشيرًا إلى تجاوب الناس الكبير الذي أدى إلى نجاح الحملات.

     

    وأشار إلى أن هذه الحملة لاقت ضجة إعلامية محلية ودولية.

     

    الشيخ نظام أبو خزام: “كتابك ما تكبو” تتنقل بين بلدات الشوف

    بدوره، تحدث رئيس جمعية البيت اللبناني للبيئة الشيخ نظام أبو خزام عن حملة “كتابك ما تكبو” التي تهدف إلى جمع الورق والكرتون المستعمل لتدويره وإعادة استعماله، وقال إن الحملة تتنقل بين بلدات الشوف.

    الشيخ نظام أبو خزام، الأستاذ مروان قيس، الآنسة غوى ذبيان الأستاذ ماريو غريب، الأستاذ المحامي عمر زهر الدين

    أبرز مقتطفات الجلسة الحوارية

    وبعد عرض المتحدثين لمبادراتهم وانجازاتهم، دارت جلسة حوارية بين المتحدثين والحضور فتنوع الحوار بين الأسئلة، والاستفسارات، وطرح الآراء والاقتراحات.

     

    رئيس مكتب الحزب الإشتراكي في كفرحيم للشيخ نظام: “نحن معكم”

    أثار أحد الحضور مسألة عدم قيام السلطة السياسية بتحمّل مسؤوليتها اتجاه ملف النفايات، قائلًا: ثمة تغييب السبب الرئيس لهذه الأزمة وهي السلطة السياسية المقصّرة اتجاه شعبها، المواطن وحده والجمعيات وحدها لا تكفي. السلطة السياسية في لبنان لا تعنيها الأزمة البيئية، ولن تُحل إلا بقرار سياسي”.

     

    هذا التعليق أحدث صدًى إيجابيًا في الجلسة إذ جاء ردّ عليه من قبل مدير فرع كفرحيم في الحزب التقدمي الإشتراكي الأستاذ فارس غنّام الذي كان حاضرًا مع نائب رئيسه الدكتور نزار ضو، فتوجّه غنّام إلى شيخ نظام أبو خزام بالقول: “نحنا منحط إيدنا بإيدك ونحنا كسلطة سياسية حسب ما بيعتبرونا معكم، ومعك شيخ نظام في كل ما تقومون به في كفرحيم”.

     

    الأستاذ ماريو غريب: من الضرورة التشبيك مع القوى السياسية في هذا الملف

    كما جاء رد من رئيس بلدية بتلون السيد مروان قيس الذي أكد أن كل مواطن يجب أن يبدأ من منزله، من دون انتظار الدولة فقط.

    أما الأستاذ ماريو، فأكد بدوره أن المواطن مسؤول عن هذه الأزمة أيضًا، وأثنى على أهمية دور الجمعيات والمبادرات الفردية في هذا الملف، وشدد على أهمية التشبيك بينها وبين الأحزاب والتواصل معها لأنها الجهات التي تضع السياسات العامة في البلاد.

     

    رئيسة بلدية كفرنبرخ السيدة وسام الغضبان: نحضّر لمعمل نفايات يستوعب 200 طن يوميًا

    بدورها، نقلت السيدة الغضبان تجربتها في ملف النفايات في بلدتها وقالت: “وزعنا على الأهالي المستوعبات والأكياس مجانًا، حتّى لا يتم رمي النفايات على الطريق، ولهذا طريق كفرنبرخ نظيفة جدًا”.

     

    وحمّلت المواطن مسؤولية كبيرة قائلةً: “المواطن الذي يرمي النفايات على الطريق وليس الدولة”.

     

    وأضافت: “ثمة سياسات معنية تمنع البلديات من عمل أي تطور في ملف النفايات، رغم قيام البلدية بواجباتها في ما يخص المعاملات الرسمية أو دراسة الأثر البيئي وإلخ… وبعدها يقولون لنا توقفوا عن العمل فسنحضر لكم حلًا آخر”.

     

    الغضبان كشفت عن معمل يتم التحضير له في الشوف برعاية الأستاذ وليد جنبلاط، كلفته ملايين الدولارات، وتم إنجاز 70% منه، ويستوعب 200 طن من النفايات يوميًا. وأنهت حديثها بالقول: ما زال أمامنا مشكلة الرماد الذي سينتج بنسبة قليلة جدًا، لكننا نفتش عن حل لهذه المشكلة”.

     

    فردّ الأستاذ ماريو عليها بالقول: ” ثمّة نوعان من الرّماد ؛ الرماد الذي يبقى على الأرض وهو ليس ضارًا، أما الرماد الأخضر المتطاير، فيحمل درجة عالية من السموم ويؤدي إلى أمراض سرطانية، ولا يوجد له حل حتّى لو بالطمر، الحل الوحيد هو أن يتم تخزينه في مكان خاص به، وإلا فإنّ ضرره سيكون أكثر تأثيرًا على السكان من أزمة النفايات الراهنة، وهنا تكمن مشكلة القانون الذي لم يضع ضوابط  لهذه الأمور في اللامركزية الإدارية”.

     

    وهنا كشف غريب أنه يوجد في بيروت 4 حارق من دون علم السكان!

     

    الأستاذة رانيا غيث: التشبيك الحقيقي يحتاج إلى تعاون الجميع

    أما منظمة اللقاء الأستاذة رانيا غيث، وجّهت كلمة، شكرت خلالها المتحدثين والحضور، وأكدت أن اللقاء ليس مبادرة فردية منها فقط بل هو يحمل قضية تهم أي مواطن، وهو خارج عن إطار السياسة، قائلةً: لقد تبين في هذا البلد أنه عندما تدخل السياسة في أي أمر يتوقف الإنماء الاقتصادي والاجتماعي”.

     

    وتابعت: “نحن لا نريد شيطنة الجهات السياسية ولكن على المسؤولين أن يدركوا بأن ظاهرة “المجتمع المدني” هو حركة طبيعية فرضت نفسها”.

     

    وأكدت أن مسؤولية الأزمة البيئية مشتركة بين المواطن والمنظومة السياسية.

     

    وتمنّت غيث تعميم كل التجارب الناحجة بين البلديات، وشددت على أهمية نشر حملة “كتابك ما تكبو” خصوصًا في المدارس.

     

    نفايات المستشفيات: تدفن أم ترمى وكيف يتم معالجتها؟

    وفي سؤال توجهت به الأستاذة رانيا إلى الأستاذ ماريو عن كيفية التعامل مع نفايات المستشفيات ومعالجتها فرد قائلًا:

     

    “نحن نؤمن المستوعبات للمستشفيات ونأخد النفايات، نعالجها في مراكزنا الخاصة وبعدها نعقم المستوعبات ونردها إلى المستشفيات ونستلم المستوعبات الملوثة”.

     

    وعن دور الرقابة من قبل الوزارات المعنية فقال:

    “لا يوجد رقابة مباشرة، بل تقوم وزارتا الصحة والبيئة كل ثلاثة أشهر بزيارة مراكز المعالجة التابعة للجمعية للتأكد من استيفاء المعايير والشروط التي وضعها القانون”.

     

    “أما في المستشفيات فلا يوجد رقابة إلا إذا الجمعية لاحظت فرقًا كبيرًا في كمية النفايات بين الفترة والفترة، فنلاحق أين تم التصرف بالكميات الأخرى، لأنه أحيانًا تلجأ المستشفيات إلى كبّ النفايات عشوائيًا حتّى لا تتكبد تكاليف معالجتها”.

     

    وفي سؤال وجهته الآنسة غوى ذبيان عن كيفية معالجة النفايات الناتجة عن الأعضاء البشرية خصوصًا وأن لهذا الموضوع حساسيته الدينية والاجتماعية؟

     

    فقال الأستاذ ماريو: “الأعضاء البشرية أغلبها تدفن ولكن قسم منها يرمى مع النفايات العادية، في المستوعبات.

     

    ومن هنا، شدد غريب على ضرورة جمع النفايات من المنازل، وإزالة كل المستوعبات عن الطرقات حتّى لا يتم رمي فيها نفايات سامة ما قد يشكل خطرًا على الأهالي والعمال من جهة، ولضمان الفرز من المصدر بالطريقة الصحيحة من جهة أخرى.

     

     

    وفي كلمة أخيرة حذّر الأستاذ ماريو من الوضع البيئي الراهن بالقول:

    “نحن في خطر كبير، يوجد لدينا 940 مكب عشوائي، و 70% من المياة ملوث، هذا عدا عن النفايات الصناعية الموجوة في البحر، نحن في حالة طارئة في البلد! وهنا أهمية الجمعيات والمبادرات التي تنطلق في المجتمع”.

     

    وأشار إلى وجود مركز معالجة في الدامور وهو أقرب مركز بالنسبة للشوف، داعيًا البلديات إلى التوجه إليه والاستغناء عن المكبات العشوائية.

    Leave a Reply